لماذا يتفوق الأطفال على الذكاء الاصطناعي في تعلم اللغة؟

رغم التقدم المذهل في قدرات الذكاء الاصطناعي، فإن الأطفال ما زالوا يتفوقون عليه في أحد أهم المهارات الإنسانية: تعلّم اللغة، ودراسة جديدة نشرت في مجلة Trends in Cognitive Sciences تكشف كيف يتفوق الأطفال بفطرتهم وفضولهم الطبيعي على أقوى الأنظمة الذكية في اكتساب اللغة، وتوضح الأسباب التي تجعل من طريقة تعلمهم نموذجًا ملهمًا لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر إنسانية.
ويستعرض موقع الأيام المصرية التفاصيل الكاملة عن تلك الدراسة، وأسباب تفوق الأطفال على التطور التكتولوجي الحالي.
الأطفال يتعلمون اللغة بذكاء حسي واجتماعي
بعكس الذكاء الاصطناعي الذي يتغذى على مليارات النصوص المكتوبة، يتعلم الأطفال اللغة من خلال التفاعل مع بيئتهم عبر الحواس المختلفة، مثل البصر والسمع واللمس وحتى الشم.
وأوضحت البروفيسورة "كارولين رولاند" من معهد ماكس بلانك لعلم النفس اللغوي، أن الأطفال لا يكتفون بتلقي المعلومات بل "يعيشون" اللغة، ويتفاعلون معها ضمن سياقات اجتماعية غنية بالتجارب الحسية.

إقرأ ايضًا: الذكاء الاصطناعي يكشف أسرار صحة الدماغ| تقريــــــر
البحث في جوجل بالذكاء الاصطناعي،AI Google Search نقلة نوعية في الإنترنت
الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى 92 ألف سنة لتعلم لغة طفل
أشارت الدراسة إلى أنه لو حاولت الآلات تعلم اللغة بنفس الطريقة التي يعتمدها الأطفال، لاحتاجت إلى أكثر من 92,000 سنة للوصول إلى مستوى الطلاقة الذي يبلغه الطفل في سنواته الأولى، ورغم السرعة الخارقة للذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات، إلا أن فهم اللغة البشرية يتطلب أكثر من مجرد تحليل للنصوص.
دوافع ذاتية وفضول فطري وراء تفوق الأطفال
يمتلك الأطفال دوافع ذاتية قوية للتعلم، فهم يسعون دائمًا إلى استكشاف محيطهم، وتحفيز أنفسهم بتجارب جديدة، زتقول رولاند: "الذكاء الاصطناعي يعالج البيانات، أما الأطفال فيخوضون التجربة الحياتية"، مشيرة إلى أن تعلم اللغة عند الطفل يرتبط بحركاته وسلوكياته، مثل الزحف نحو لعبة، أو الإشارة إلى شيء يثير فضوله، أو حتى تقليد الأصوات.
وقدم الباحثون من خلال الدراسة إطارًا نظريًا جديدًا لفهم كيف يبني الأطفال نظامًا لغويًا متكاملًا، واعتمدوا على مجموعة واسعة من التخصصات، من علوم الأعصاب واللغويات، إلى علم النفس وعلوم الحاسوب، لفهم سر تفوّق الأطفال.

وتقترح رولاند أنه إذا أراد المطورون تعليم الآلات اللغة بشكل مشابه للبشر، فعليهم إعادة التفكير في تصميم الذكاء الاصطناعي من الأساس، ليعتمد على التجربة، والتفاعل، والبيئة متعددة الحواس، وليس على البيانات المجردة فقط.
أهمية الدراسة في فهم نمو الطفل وتطوير الذكاء الاصطناعي
لا تعيد هذه الدراسة تشكيل فهمنا لنمو الطفل وتطوره اللغوي فقط، بل تفتح الباب أمام تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي قادرة على فهم اللغة كما يفعل البشر، كما تساهم في أبحاث تعليم الأطفال، ومعالجة اللغة الطبيعية، وحتى في فهم تطور اللغة البشرية بحد ذاته.