الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

كيف واجهت دول العالم أزمة الإيجار القديم؟، مساعدات مالية دون ضغط على الملاك

كيف واجهت دول العالم
كيف واجهت دول العالم أزمة الإيجار القديم؟

منذ خمسينيات القرن الماضي، وقانون الإيجار القديم في مصر يمثل واحدًا من أعقد الملفات الاجتماعية والاقتصادية، فعشرات الآلاف من الوحدات السكنية لا تزال مؤجرة بقيم لا تتجاوز في كثير من الأحيان بضع عشرات من الجنيهات شهريًا، فيما تتضاعف أسعار السوق عشرات المرات، وبين مالك يصرخ من ضياع حقه، ومستأجر يخشى التشريد، يقف القانون ثابتًا منذ عقود، بينما تتغير أحوال المدن والعقارات والناس.

ولكن مصر ليست الوحيدة فكثير من دول العالم خاضت تجارب مشابهة مع قوانين الإيجار القديم والممتدة، ونجحت بدرجات متفاوتة في تحقيق التوازن بين حماية المستأجرين وضمان حقوق الملاك، وفي هذا التقرير يرصد موقع الأيام المصرية أبرز هذه التجارب.

كيف واجهت دول العالم أزمة الإيجار القديم؟

فرنسا: توازن دقيق بين الأمان الاجتماعي وحقوق الملكية

تعتبر العلاقة الإيجارية في فرنسا علاقة مرنة ولكنها محكومة بإطار قانوني دقيق، إذ تمتد العقود السكنية عادة لثلاث سنوات، ويمكن للمالك رفع الإيجار عند التجديد، لكن بنسبة محددة ترتبط بمؤشر أسعار المستهلك الصادر عن الدولة، والأهم في التجربة الفرنسية هو نظام الدعم السكني، حيث تتدخل الدولة بشكل مباشر لتقديم مساعدات مالية شهرية للمستأجرين ذوي الدخل المحدود، مما يضمن استمرار سكنهم دون الضغط على الملاك.

الهند: خطوات تدريجية نحو التحرير دون صدمة اجتماعية

وكانت الهند من أبرز الدول التي شهدت تفاقمًا في أزمة الإيجار القديم بسبب قوانين وضعتها بريطانيا خلال الاحتلال، وكانت تمنع طرد المستأجر وتجمد قيمة الإيجار، ولكن مع بداية التسعينيات، بدأت عدة ولايات هندية في تحديث التشريعات تدريجيًا.

وظهرت آليات جديدة مثل الإخلاء مقابل التعويض، بحيث يتم التفاوض مع المستأجرين القدامى على إخلاء الوحدة مقابل مبلغ مالي، تدفعه الدولة، المالك، أو من خلال صندوق تمويلي خاص.

كيف واجهت دول العالم أزمة الإيجار القديم؟

ألمانيا: استقرار الإيجارات لا يعني جمود السوق

وتمثل ألمانيا نموذجًا فريدًا إذ تعد من الدول التي تحترم استقرار علاقة الإيجار، ومع ذلك تنظمها بقواعد صارمة، إذ تخضع الإيجارات في برلين ومدن أخرى لضوابط قانونية تضمن عدم تجاوز الزيادة السنوية نسبة 15-20% خلال ثلاث سنوات، حتى في المناطق ذات الطلب العالي، ورغم صرامة القانون تجاه الملاك، فإن الدولة توفر منظومة إسكان عام فعالة تستوعب من لا يستطيع دفع أسعار السوق، وهو ما يخفف الضغط على القطاع الخاص.

نيويورك: تحكم السوق الحر بقانون خاص

تخضع الإيجارات في معظم الولايات الأمريكية للسوق الحر إلا أن مدينة نيويورك تحتفظ بنظام خاص يسمى تحديد الإيجار (Rent Control)، يطبق على المباني التي أنشئت قبل 1974، وفي هذا النظام يتم تجميد الإيجارات القديمة، ولا يمكن زيادتها إلا بنسبة محددة تصدرها لجنة الإيجارات سنويًا، ولكن هذا النظام محاط بشروط صارمة، فلا يورث الإيجار إلا في حالات استثنائية، كما يسمح للمالك بطلب تحرير الإيجار إذا أثبت أنه يتكبد خسائر كبيرة.

ومن خلال تتبع النماذج العالمية، تبرز ثلاث ركائز لأي حل ناجح:

  • يجب أن يتم تعديل عقود الإيجار القديمة على مراحل، دون مفاجآت، حتى لا تنهار العلاقة الاجتماعية.
  • لا يمكن تحميل العبء كاملًا للملاك أو المستأجرين، بل يجب أن تكون الدولة طرفًا فاعلًا في الحل، سواء بتوفير بدائل سكنية أو بتقديم دعم مالي.
  • يجب أن تنص القوانين بوضوح على نهاية العقود الممتدة، وحق المالك في استرداد ملكه ضمن شروط منصفة.
كيف واجهت دول العالم أزمة الإيجار القديم؟

قانون الإيجار القديم أزمة قديمة بحاجة لـ حلًا جديدًا

قانون الإيجار القديم في مصر ليس مجرد نص قانوني، بل شبكة من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية الممتدة لعقود، والبحث عن حل لا يجب أن يكون معركة بين طرفين، بل فرصة لإعادة التوازن بمنهج مدروس، يستلهم من التجارب الدولية، ويضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.

تم نسخ الرابط