تحول جذري، عوامل ساعدت على انخفاض معدل البطالة في مصر لـ6.1 %

قالت الدكتورة وفاء علي، أستاذ الاقتصاد، إن البيان الأخير للجهاز المركزي الذي أعلن فيه انخفاض معدل البطالة إلى 6.1% خلال الربع الثاني من عام 2025، مقارنة بـ6% في الربع السابق، يمثل مؤشرًا إيجابيًا يعكس قدرة الدولة المصرية على إدارة ملف التشغيل بفعالية رغم التحديات الاقتصادية العالمية المتصاعدة.
ووفقًا لنتائج بحث القوى العاملة الصادر عن الجهاز للفترة من أبريل إلى يونيو 2025، بلغ حجم قوة العمل في مصر نحو 33.6 مليون فرد، وهو رقم يعكس توسع النشاط الاقتصادي وزيادة عدد الداخلين إلى سوق العمل.
قدرة السوق المصري على امتصاص الضغوط العالمية
وأضافت الدكتورة وفاء في مداخلة هاتفية على قناة إكسترا نيوز، أن الاقتصاد العالمي يمر حاليًا بفترة مضطربة مليئة بالتحديات المعقدة، تشمل ارتفاع معدلات التضخم، وضغوط الأسواق المالية، والاختلالات في سلاسل الإمداد.

وتابعت أنه برغم ذلك، استطاعت مصر أن تحقّق هذا التقدم في خفض البطالة، نتيجة لـ"استراتيجية شاملة اتبعتها الدولة منذ سنوات، تهدف إلى تحقيق استدامة منظومة التشغيل وتوسيع قاعدة الإنتاج".
وأضافت أن البطالة ليست مجرد مشكلة اقتصادية، بل تمتد آثارها إلى الجوانب الاجتماعية والإنسانية، لذا تعاملت الدولة مع هذا الملف من منظور متعدد الأبعاد، يستند إلى التنمية الشاملة، ودعم الاستثمار، وخلق بيئة عمل ملائمة.
مشروعات قومية وفرص تشغيل حقيقية
وأوضحت أن من بين الأسباب الرئيسية وراء هذا التحسن هو تركيز الدولة على المشروعات القومية الكبرى في قطاعات مثل:
- الطاقة والتشييد والبناء
- الصناعة والزراعة
- توسيع البنية التحتية السككية
- إلى جانب دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وأكدت أن هذه السياسات أتاحت للدولة المصرية استيعاب أعداد كبيرة من الخريجين الجدد (نحو مليون سنويًا) في سوق العمل، بفضل إعادة هيكلة آليات الاستثمار والإنفاق التنموي، وتوجيه الشباب نحو التدريب التقني والمهني والتكنولوجي.
اقرأ أيضًا: مصر تسجل تحسنًا في سوق العمل، تراجع معدل البطالة لـ6.1%
الفيدرالي الأمريكي: بدء خفض أسعار الفائدة في يوليو القادم لهذه الأسباب
تطوير التعليم الفني وربط التدريب بسوق العمل
لفتت الدكتورة وفاء على إلى أن نجاح مصر في خفض البطالة يعود كذلك إلى التحول الجذري في قطاع التعليم الفني والجامعات التكنولوجية، مؤكدة أن هناك تنسيقًا حقيقيًا بين متطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم، وهو ما ساهم في توفير فرص عمل ملائمة للمؤهلات الجديدة.
وأضافت: "لم يعد التوظيف تقليديًا كما في السابق، بل أصبح يعتمد على استغلال الطاقات الشابة في مشروعات ريادية قائمة على الإنتاج والابتكار، وليس الاستهلاك والوظائف الحكومية فقط".
البطالة الهيكلية والتغييرات الاقتصادية
أوضحت الدكتورة وفاء أن مصر نجحت في تقليص آثار البطالة الهيكلية التي تعاني منها كثير من الدول، من خلال تنفيذ تحولات اقتصادية وهيكلية شاملة، وإعادة توزيع الأنشطة الاقتصادية، فضلًا عن تشجيع القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات الإنتاجية.
وأشارت إلى أن قاعدة البيانات الجديدة التي طورتها الدولة للباحثين عن العمل ساهمت أيضًا في تحسين كفاءة التوظيف، موضحة أن البيانات الصادرة من جهاز الإحصاء تعكس تقدمًا واقعيًا وليس مجرد تحسن رقمي.

فرص العمل واستدامة الاقتصاد
وفي ختام حديثها، أكدت الدكتورة وفاء علي أن مصر تسير على طريق "التشغيل الإنتاجي" وليس فقط "توفير وظائف"، مضيفة أن المشروعات التي تقام حاليًا في قطاعات السياحة، الصناعة، الزراعة، والطاقة، تقدم نموذجًا ناجحًا في دمج الشباب في الاقتصاد الوطني، ما يفسر قدرة مصر على مواجهة "عدو الشباب الأول": البطالة.