دراسة بحثية: سم العقرب يقتل خلايا سرطان الثدى

بينما كان سرطان الثدي هو الأكثر شيوعًا بين النساء من جميع حالات السرطان الجديدة لدى النساء سنويًا، ومن المتوقع أن تموت حوالي 42170 امرأة بسببه في عام 2025.

وفي هذا الإطار، يمكن أن يكون سم العقرب الموجود بغابات الأمازون هو المفتاح لمحاربة أحد أخطر أنواع السرطان التي تصيب النساء اليوم، وذلك حسبما كشفت مجلة Newsweek.
سم عقرب يجتوي على مواد قاتلة لخلايا سرطان الثدي
كشف علماء برازيليون أن سم عقرب يدعى عقرب "بروثياس أمازونيكوس" Brotheas amazonicus، يحتوي على جزيء يقتل خلايا سرطان الثدي بطريقة مشابهة للعلاج الكيميائي، وذلك وفقا لدراسة رائدة أجراها باحثون في البرازيل، ويوجد هذا النوع من العقارب في غابات الأمازون المطيرة.
وتمكن العلماء من خلال التنقيب البيولوجي، إلى تحديد جزيء في هذا العقرب الأمازوني يشبه الجزيء الموجود في سموم العقارب الأخرى يعمل ضد خلايا سرطان الثدي، وذلك حسبما لفتت إليان كاندياني أرانتيس أستاذة في جامعة ساو باولو ومنسقة المشروع.

يسمى هذا الجزء BamazScplp1، و هو نوع من الببتيد، أو سلسلة قصيرة من الأحماض الأمينية التي أظهرت خصائص مكافحة السرطان عند اختبارها في المختبر، ويعمل بشكل مشابه لدواء باكليتاكسيل، وهو دواء علاج كيميائي قياسي، عن طريق تحفيز النخر، أو موت الخلايا غير المنضبط، في خلايا سرطان الثدي.
وقد لوحظ أنه على عكس بعض عمليات قتل الخلايا الأخرى التي ينظمها الجسم، فإن النخر يسبب انفجار الخلايا السرطانية وموتها وهو التكتيك الذي لوحظ أيضًا في المركبات الأخرى القائمة على السم.
إقرأ أيضًا
هل هناك نقص أدوية في مصر؟ رئيس الشعبة يكشف عن أبرز الأصناف
القبض على وزير كبير ومسؤولين بارزين في قضية استيراد أدوية علاج السرطان المغشوشة، اعرف التفاصيل
رئيس شعبة الأدوية لـ الأيام المصرية: البنوك لم تلتزم بتفعيل مبادرة قروض الـ 15%، وتدخل رئيس الوزراء ضرورة
واستكشف الفريق سمّ العقرب بحثًا عن جزيئات حيوية نشطة محتملة، وهي مواد تؤثر على الأنسجة الحية بشكل مفيد، مثل مكافحة العدوى أو السرطان، وبذلك يمكن القول بأن عملية التنقيب البيولوجي هي عملية البحث عن مركبات مفيدة في الطبيعة، وخاصةً من النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة، في هذه الحالة.

تحويل السم إلى دواء
لا يتم استغلال سم العقارب على نطاق واسع، بل يتم استخدام عملية تسمى التعبير الجيني المتغاير، أي إدخال الجين المُنتج لبروتين مُعين في كائن حي آخر - غالبًا ما يكون خميرة أو بكتيريا - لإنتاجه بكميات كبيرة في المختبر.
ولفتت أرانتيس، إلى عزم العلماء الحصول على هذه الجزيئات من خلال التعبير غير المتجانس"، في إشارة إلى BamazScplp1 ومركبات واعدة أخرى.

ومن بين الكائنات الحية المستخدمة في علاج سرطان الثدي، فإن هناك نوع من الخميرة يُدعى Pichia pastoris، وهو نوع من الخميرة تم عزلها في فرنسا عام 1950، وتستخدم هذا النوع عادة في التكنولوجيا الحيوية لتصنيع البروتينات التي يصعب الحصول عليها بشكل طبيعي، وذلك وفقا لما ذكرته مجلة Newsweek.
ابتكارات طبية من سم الثعبان
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الباحثون إلى السمّ في ابتكارات طبية، ففي مركز دراسة السموم والحيوانات السامة (CEVAP)، إذ طور العلماء منتجًا حاصلًا على براءة اختراع يُسمى مانع تسرب الفيبرين، وهو نوع من الغراء البيولوجي يصنع بدمج السيرينوبروتيناز (إنزيم موجود في سم الثعابين) مع الراسب البارد، وهو مكون مستخلص من دم الجاموس أو الأبقار أو الأغنام، وهو غني بالفيبرينوجين، وهو بروتين أساسي لتخثر أو تجلط الدم، عند خلطهما، يشكلان شبكة فيبرين، تحاكي عملية الشفاء الطبيعية في الجسم، درس هذا المانع للتسرب لاستخدامات مثل إصلاح الأعصاب، وعلاج إصابات العظام، وحتى المساعدة في استعادة الحركة بعد إصابات الحبل الشوكي، وهو حاليًا في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وهي المرحلة الأخيرة قبل دراسة اعتماد الدواء واستخدامه على نطاق واسع.

يسهل عامل النمو تكوين أوعية دموية جديدة، وإذا جمعناه مع الكولينين-1، يمكن ابتكار مادة مانعة للتسرب من الفيبرين محسنة مقارنة بالمادة التي يجري تطويرها في CEVAP، مع إمكانية توسيع نطاق استخدامها على المستوى الصناعي، إذ يمكن الحصول عليها من خلال التعبير الجيني غير المتجانس، وفقًا لما قالته ارانتيس.
نحو ابتكارات حيوية في مجال الأدوية
تنفذ هذه المستحضرات في إطار مركز العلوم التطبيقية وتطوير المستحضرات الصيدلانية الحيوية (CTS)، وهو برنامج يهدف إلى تحويل الاكتشافات البيولوجية إلى علاجات طبية عملية، ويُعدّ مركز CTS جزءًا من جهود أوسع نطاقًا تُبذلها مؤسسة FAPESP، وهي مؤسسة عامة في البرازيل تُموّل البحث العلمي.
ولا تقتصر استراتيجيتهم على سم العقرب فقط، وإنما عمل الفريق أيضًا على بروتينات الأفعى الجرسية، بما في ذلك مركب يُسمى الكولينين-1، ويطور مادة حيوية أخرى تُعرف باسم CdtVEGF ، والتي تُعزز نمو الأوعية الدموية، وهي أداة قيّمة محتملة في تجديد الأنسجة.

عرضت نتائج اكتشاف BamazScplp1 وهي في مراحله الأولى، في مؤتمر FAPESP Week France العلمي، الذي عُقد في الفترة من 10 إلى 12 يونيو في تولوز، جنوب فرنسا، وتُبرز هذه النتائج الاهتمام المتزايد بالمركبات الطبيعية، وكيف يُمكن أن تُضاف إلى العلاجات التقليدية، كالعلاج الكيميائي، أو حتى تُحل محلها.
بينما أكدت الاختبارات الإضافية فعاليتها وسلامتها، وقد يتم تطوير الجزيء المأخوذ من العقرب وتطويره إلى نوع جديد من الأدوية المضادة للسرطان، مما يوفر للمرضى المزيد من الخيارات وربما آثارًا جانبية أقل.