أزمة سد النهضة، تدفقات مائية غير مسبوقة تهدد السودان بالغرق ومصر تستعد

أزمة مياه سد النهضة، أطلقت الإدارة العامة لشؤون مياه النيل بوزارة الزراعة والري في السودان إنذارًا مبكرًا يصفه الخبراء بـ"الإنذار الأحمر"، محذرة من فيضانات مدمرة على امتداد الشريط النيلي، خاصة في ولايات الخرطوم، نهر النيل، النيل الأبيض، سنار، والنيل الأزرق، نتيجة لزيادة كبيرة في وارد المياه من النيل الأزرق والأبيض، وسط مؤشرات تُنذر بحدوث كارثة مائية واسعة النطاق.
وتشير التقارير الرسمية إلى أن إثيوبيا قامت مؤخرًا بفتح بوابات التصريف العليا في سد النهضة، ما أدى إلى تدفق كميات هائلة من المياه نحو الأراضي السودانية.
وبلغ إيراد النيل الأزرق أكثر من 730 مليون متر مكعب يوميًا، وهي أرقام تفوق المعدلات الطبيعية بأكثر من 300 مليون متر مكعب، بحسب وزارة الري السودانية.
الخرطوم على حافة الكارثة
في العاصمة الخرطوم، ارتفع منسوب النهر إلى 16.89 مترًا، مقتربًا من الخط الأحمر للفيضانات، وقد دفعت هذه التطورات السلطات المحلية إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى، مع تحذيرات عاجلة للسكان بنقل ممتلكاتهم إلى مناطق آمنة.

اقرأ أيضًا:
خبير مائي: إثيوبيا أخطأت بملء سد النهضة كاملاً قبل جاهزية التوربينات
عباس شراقي: مصر تجاوزت الـ 5 سنوات الأخطر من ملء سد النهضة
بعد إتمام ملئه، هل ينهار سد النهضة وما تأثير ذلك على مصر والسودان؟
السودان تغرق، عباس شراقي: أثيوبيا مجبرة على تفريغ سد النهضة لهذا السبب
خبير من اليونيسف: إثيوبيا غامرت بأمان سد النهضة للإبهار بصري لحظة الافتتاح
وتعمل فرق الدفاع المدني منذ ساعات الفجر على تعزيز السواتر الترابية، خاصة في شرق النيل والخرطوم بحري، تحسبًا لانهيارات مفاجئة قد تودي بأرواح وممتلكات.
سنار في عين العاصفة
في ولاية سنار، يصف المسؤولون الوضع بأنه “كارثي بكل المقاييس”، فقد غمرت المياه مئات القرى والأراضي الزراعية، وتضررت آلاف المنازل، وسط عمليات إجلاء جماعي للسكان نحو المرتفعات.
ويواجه السكان أوضاعًا إنسانية مأساوية، إذ بدأت المناشدات تتصاعد من الأهالي والسلطات المحلية إلى الحكومة المركزية والمنظمات الإنسانية لتوفير المأوى والمساعدات العاجلة.
انهيار البنية التحتية في النيل الأبيض ونهر النيل
أما في ولايتي النيل الأبيض ونهر النيل، فقد أدت الفيضانات إلى غمر آلاف الأفدنة الزراعية، وانقطاع الطرق بين المدن والقرى، إلى جانب تعطل شبكات الكهرباء ومياه الشرب.

ويزيد ذلك من تفاقم الأوضاع المعيشية لسكان هذه المناطق، الذين يعانون أصلًا من آثار الحرب والنزوح المستمر.
خبراء: هذا "فيضان القرن"
يرى العديد من الخبراء والمراقبين أن ما تشهده السودان قد يسجل كأحد أخطر الفيضانات في تاريخه الحديث، ليس فقط بسبب كمية المياه الهائلة المتدفقة، بل بسبب غياب خطة طوارئ وطنية فعالة، وضعف التنسيق بين المركز والولايات.

ويؤكد الخبراء أن استمرار التصريف الأحادي من سد النهضة دون تنسيق مع السودان ومصر، يزيد من خطورة المشهد.
دعوات لتنسيق عاجل مع إثيوبيا
وفي تصريحات خاصة، حذر الدكتور عثمان التوم، وزير الري السوداني الأسبق، من استمرار هذا التصريف غير المنسق، مؤكدًا أن إثيوبيا قامت برفع منسوب بحيرة السد إلى مستوى غير معتاد "لأغراض احتفالية"، مما تسبب في هذه التدفقات الكارثية.
ودعا التوم إلى تنسيق فوري بين الخرطوم وأديس أبابا لضبط وتيرة التصريف، وتفادي تفاقم الوضع خلال الأيام المقبلة.
مصر تراقب.. واستعدادات متقدمة
في القاهرة، تتابع الجهات المختصة الموقف عن كثب، وسط استعدادات فنية ولوجستية لضمان استقرار مناسيب المياه داخل الأراضي المصرية.
وتؤكد مصادر مطلعة أن هناك تنسيقًا يوميًا بين القاهرة والخرطوم لمراقبة حركة المياه، وتبادل البيانات الفنية حول تصريف السدود الرئيسية، تجنبًا لامتداد الأزمة جنوبًا.
وتحذر منظمات الإغاثة المحلية والدولية من مخاطر انتشار الأوبئة والأمراض المنقولة بالمياه، نتيجة لركود المياه في المناطق المتضررة، وتردي خدمات الصرف الصحي. كما بدأت مناشدات واسعة لتوفير مستلزمات طبية عاجلة وأدوية وفرق طوارئ لمساعدة المتضررين في الولايات المنكوبة.
دعت منظمات المجتمع المدني الحكومة السودانية إلى تفعيل آليات الاستجابة السريعة والتواصل الفوري مع المجتمع الدولي لطلب المساعدات الإنسانية، والخبرات الفنية، وتعزيز قدرات التصدي للكوارث المائية، في ظل بنية تحتية مائية منهارة لا تقوى على مواجهة فيضانات بهذا الحجم.
الواقع أن السودان يعيش اليوم لحظة حرجة، يتقاطع فيها خطر الطبيعة مع تقصير الإدارة وتضارب المصالح الإقليمية، فالإنذار الذي أطلقته وزارة الري ليس مجرد تحذير، بل نداء استغاثة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة وطنية شاملة.
وفي الوقت الذي يسابق فيه المواطنون الزمن لحماية أرواحهم وممتلكاتهم من فيضان لا يرحم، تبدو الحاجة ملحة إلى إدارة أزمة أكثر فاعلية، وتعاون إقليمي مسؤول يضع حياة الشعوب فوق أي حسابات سياسية.
خبير: إثيوبيا أخطأت بملء سد النهضة كاملا قبل تشغيل التوربينات
أكد الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، أن إثيوبيا ارتكبت خطًأ كبيرا بملء بحيرة سد النهضة بكامل سعتها البالغة 75 مليار متر مكعب، قبل الانتهاء من تركيب وتشغيل جميع التوربينات المخصصة لتوليد الكهرباء.
وأوضح نور الدين أن إثيوبيا ركبت حتى الآن ثمانية توربينات فقط من إجمالي 13 توربينا، يعمل منها 5 بشكل غير منتظم، بينما لم تُستكمل بعد محطة الكهرباء وأعمدة الضغط العالي لنقل الطاقة.
وأضاف أن ما كانت تحتاجه إثيوبيا في هذه المرحلة هو تخزين ما بين 50 إلى 55 مليار متر مكعب فقط، بما يتناسب مع القدرة الحالية للتوربينات، مشيراً إلى أن ذلك اضطرها حالياً لتصريف كميات كبيرة من المياه من البحيرة.
وأشار الخبير المائي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي إلى أن بدء الفيضانات في السودان خلال سبتمبر يكشف عدم صحة المزاعم الإثيوبية التي روجت أن السد سيحمي السودان من الفيضانات، لافتا إلى أن الفيضانات الحالية ناتجة عن قرارات تشغيلية من الجانب الإثيوبي، وليست طبيعية، وهو ما يجعلها أكثر خطورة لحدوثها في توقيت غير معتاد وبصورة يصعب استيعابها.
وفيما يتعلق بما يثار حول حجز 75 مليار متر مكعب من المياه التي كانت مخصصة لمصر، أوضح نور الدين أن بحيرة السد العالي ممتلئة بالفعل نتيجة الفيضانات العالية خلال السنوات الخمس الماضية، وبالتالي فإن وجود المياه حاليا في بحيرة السد الإثيوبي يمثل مخزونا مؤقتا على الأراضي الإثيوبية، مؤكدا أنه مع بدء تشغيل جميع التوربينات بكامل طاقتها سيتم ضخ هذه المياه مجدداً إلى مصر والسودان عبر مجرى النيل.
- تابع موقع الأيام المصرية عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
- تابع موقع الأيام المصرية عبر تطبيق (فيسبوك) اضغط هــــــــــنا
- تابع موقع الأيام المصرية عبر تطبيق (تويتر) اضغط هــــــــنا
موقع الأيام المصرية، يهتم موقعنا بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، ونقدم لكم خدمة ومتابعة شاملة ومجموعة كبيرة من الأخبار داخل الأقسام التالية، أخبار، رياضة، فن، خارجي، اقتصاد، الأيام TV، حوادث، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، أخبار مصر، سعر اليورو، سعر العملات ، جميع الدوريات.