من العائق إلى المحفز، كيف غيرت الرقابة المالية دور التنظيم في مصر؟

قال الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن دور الهيئة ليس أهميته فقط كمراقب، بل أيضًا كمنظم ومشرع يعمل على تهيئة بيئة داعمة للنمو، خاصة في القطاعات المالية غير المصرفية.
وأضاف "فريد" خلال لقائه ببرنامج الصنايعية، المذاع على قناة الشمس، أن الهيئة تسعى لتغيير الصورة النمطية عن التنظيم باعتباره عبئًا، مشددًا على أن "التنظيم من أجل النمو" هو عنوان رئيسي لمؤتمر الهيئة الأخير، والذي تم تنظيمه لدعم قطاع التكنولوجيا المالية وريادة الأعمال.
وأشار الدكتور فريد إلى أن هناك اعتقادًا شائعًا بأن الرقابة قد تكون عائقًا أمام الشركات، لكن الهيئة تعمل على إثبات العكس عبر تنظيمات مرنة تحمي السوق وتمنح الثقة للمستثمرين في الوقت ذاته، قائلاً:
"كنا نريد أن نبعث برسالة واضحة للشركات الناشئة في مجال التمويل والخدمات المالية غير المصرفية، أن وجود جهة رقابية تنظم وتراقب وتعاقب عند الخطأ، هو عنصر طمأنة وجذب للمستثمرين المحليين والدوليين".

أبرز نتائج هذا التوجه الجديد
واستعرض فريد أبرز نتائج هذا التوجه الجديد، مشيرًا إلى قصص نجاح شركات استطاعت، بفضل الترخيص والرقابة، جذب استثمارات ضخمة، فمن بين هذه الشركات من حصلت على تمويلات وصلت إلى 500 مليون دولار، وأخرى على 80 مليون دولار، بل حتى الشركات الصغيرة والمتوسطة استطاعت جذب استثمارات تتراوح ما بين 3 إلى 38 مليون دولار، ويعكس هذا مدى ثقة المستثمرين في الشركات التي تخضع للرقابة والتنظيم الجيد.
مصر تتصدر إفريقيا في جذب استثمارات التكنولوجيا المالية
وأكد رئيس الهيئة أن هذه السياسات التنظيمية الفعالة ساهمت في صعود مصر إلى المرتبة الأولى على مستوى إفريقيا في مجال استثمارات التكنولوجيا المالية، بعدما كانت في المرتبة الرابعة، وهو ما يعد إنجازًا حقيقيًا نتيجة لتكامل الجهود بين الدولة والهيئات الرقابية ومجتمع الأعمال.
اقرأ أيضًا: هيئة الرقابة المالية توافق على تأسيس صندوقين للاستثمار العقاري
الرقابة المالية: رفع الحد الأقصى للتمويل النقدي المسبق لأغراض استهلاكية إلى 50 ألف جنيه
إطلاق "المختبر التنظيمي – Regulatory Sandbox"
وصرح أن واحدة من أهم المبادرات الجديدة التي أعلنتها الهيئة، كانت إطلاق المختبر التنظيمي (الـ Sandbox)، وهو حاضنة للأفكار المبتكرة، تتيح لرواد الأعمال اختبار أفكارهم تحت مظلة قانونية وتنظيمية، قبل أن يتحولوا إلى شركات مرخصة.
وأوضح فريد أن قانون رقم 5 لسنة 2022 منح الهيئة الحق القانوني في إنشاء هذا المختبر، حيث يمكن الشركات والأفراد من معرفة ما إذا كانت أفكارهم تخضع للرقابة المالية من الأساس، وإن كانت كذلك، ما التعديلات المطلوبة عليها لتتناسب مع الأطر التنظيمية القائمة.
دور استباقي في دعم ريادة الأعمال
قال فريد إن الهيئة لا تنتظر فقط اكتمال مشاريع الشركات، بل تسعى للتواصل معهم من المراحل الأولى للأفكار، مضيفًا: "نحن لا ننتظر أن تأتي الشركة مكتملة لتطلب الترخيص، بل نبدأ معها من الفكرة، المختبر التنظيمي سيكون قناة تواصل مباشرة بين رواد الأعمال والهيئة، لمعرفة مدى توافق أفكارهم مع القانون".
أهمية التمويل المصرفي للشركات المرخصة
وأشار رئيس الهيئة إلى أن الشركات الناشئة بمجرد حصولها على التراخيص والرقابة، يصبح بإمكانها التعامل مع البنوك بسهولة، لأنها تصبح موثوقة أكثر من قبل الجهاز المصرفي، وهذا بدوره يسهل حصولها على التمويلات المصرفية، إلى جانب الاستثمارات الأجنبية.

رسالة واضحة للمستثمرين ورواد الأعمال
واختتم الدكتور محمد فريد حديثه بالتأكيد على أن الهيئة لن تكتفي بإصدار القوانين، بل ستظل في حالة تواصل دائم مع السوق والمستثمرين لضمان بيئة أعمال منظمة وآمنة ومحفزة على النمو.
وأضاف:"نحن نعمل أولاً، ثم نعلن، وليس العكس، نطلق التنظيمات ونراقب نتائجها في الواقع، ثم نخبر السوق بما تحقق، هذه هي طريقتنا لضمان مصداقية الهيئة واستدامة الإصلاحات".