خبير اقتصادي: 4 خطوات تنقل الاقتصاد المصري إلى مستويات أعلى

قال الدكتور إسلام شاهين، الخبير الإقتصادي، إن مصر تشهد توسعًا صناعيًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، مدعومًا بإصلاحات وتشريعات قانونية تهدف إلى تحفيز مناخ الاستثمار. مؤكدا أن الجودة، وتبني مفاهيم الابتكار، وتطوير التشريعات والاستثمار في البنية التحتية أهم الخطوات.
وأضاف “ شاهين” خلال لقائه ببرنامج مال وأعمال المذاع عبر قناة إكسترا نيوز، أنه من أبرز هذه التشريعات قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 وتعديله بالقانون رقم 141 لسنة 2019، إلى جانب قرارات داعمة مثل قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 77 لسنة 2023، وقانون تفضيل المنتج المحلي رقم 5 لسنة 2015.
وقد تزامن ذلك مع جهود وزارة الصناعة، ما انعكس في زيادة عدد المصانع والمناطق الصناعية الجديدة.

ورغم التقدم المحرز، يرى الدكتور إسلام شاهين أن هذه السياسات ما زالت غير كافية بالنظر إلى حجم السوق المصري واتساع قاعدة المستهلكين، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالبنية التحتية والموارد البشرية.
وأوضح أن القطاع الصناعي حاليًا يُشكّل حوالي 16% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تسعى الدولة لرفعه إلى 20%، علمًا بأن 80% من هذا القطاع يعتمد على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تمثل بدورها نحو 12% من الناتج المحلي، وتسهم بـ80% من إجمالي الصادرات غير البترولية.
من الكم إلى الكيف، أهمية البنية التحتية والقدرة التنافسية
أوضح شاهين أن النمو الصناعي لا يقاس فقط بعدد المصانع أو حجم الإنتاج، بل يجب أن يكون مصحوبًا بتعزيز الجودة، وتبني مفاهيم الابتكار، وتطوير التشريعات بما يضمن بيئة تنافسية قوية، فالدروس المستفادة من التجارب العالمية تظهر أن النهضة الصناعية تبدأ دائمًا من الاستثمار في البنية التحتية (الطرق، الموانئ، المدن الصناعية الذكية)، يليها التركيز على البيئة الداعمة للابتكار والتطور التقني.
البنية اللوجستية والتعليم الفني
وفيما يخص البنية اللوجستية والتعليم الفني، أشار الدكتور إسلام شاهين إلى أن التحسينات الحالية واعدة، لكنها لا تزال غير كافية، إذ أن تراجع التعليم الفني في العقود الماضية أسهم في ترسيخ صورة سلبية لدى المجتمع تجاه هذا المسار، لكن الدولة بدأت مؤخرًا في تغيير هذه الصورة من خلال إنشاء جامعات تكنولوجية ومؤسسات تعليمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، في محاولة لسد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات الصناعة.
المستثمر الأجنبي، ما بين التسهيلات والتحديات
أكد الدكتور إسلام شاهين أن جذب المستثمر الأجنبي يتطلب تحقيق توازن بين 3 محاور أساسية:
- سهولة الدخول إلى السوق: وهو ما تحقق من خلال تسهيلات وتشريعات جاذبة للاستثمار.
- سهولة الخروج: عبر قوانين واضحة تتيح للمستثمر تصفية أعماله وتحويل الأرباح بسلاسة.
- البيئة الاستثمارية في العمق: وتشمل الاستقرار النقدي والسياسي والتشريعي، إلى جانب تكلفة الإنتاج.
ورغم انخفاض تكلفة العمالة في مصر، فإن القدرات الفنية والمهارية للعمالة المحلية لا تزال بحاجة إلى تطوير، خاصة لتلبية احتياجات الصناعات المتقدمة، وهذا ما تعمل عليه الحكومة حاليًا من خلال ربط التعليم الفني بسوق العمل، وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة في إعداد الكوادر الفنية.
كيفية تحقيق التوازن بين التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر
حول كيفية تحقيق التوازن بين التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر دون تحميل المستثمرين أعباء إضافية، أكد شاهين أن الاتجاه نحو الاقتصاد المستدام أصبح ضرورة عالمية لا يمكن تجاهلها، ولتحقيق هذا التحول بسلاسة، شدد على أهمية تقديم حوافز مالية وضريبية مشروطة، تمنح للشركات التي تستخدم التكنولوجيا النظيفة وتستثمر في قطاعات استراتيجية مثل السيارات الكهربائية.
اقرأ أيضًا: كامل الوزير: ملتزمون بحماية الصناعة الوطنية من ممارسات الإغراق
اقتصادي يوضح العوائد من تخصيص 78 مليار جنيه لدعم الصناعة والسياحة والصادرات
واقترح أن تكون هذه الحوافز مرتبطة بمؤشرات أداء واضحة، مثل حجم الإنتاج، ونسبة التصدير، ومعدل خفض الفاتورة الاستيرادية، وهو ما ينعكس إيجابيًا على الاحتياطي النقدي وميزان المدفوعات، كما يسهم في دعم الدخول وتحقيق نمو اقتصادي حقيقي ومستدام.
فرصة إقليمية، مصر كمركز بديل لسلاسل الإمداد العالمية
مع التوترات الجيوسياسية العالمية مثل الحرب في أوكرانيا والتحديات في البحر الأحمر، يرى شاهين أن مصر أمام فرصة استراتيجية فريدة لتكون مركزًا إقليميًا لسلاسل الإمداد، خاصة في ظل رغبة العديد من الدول الأوروبية في تنويع مصادر التوريد وتقليل الاعتماد على بعض القوى الكبرى.
ولتحقيق هذا الطموح، شدد شاهين على أهمية التركيز على 3 ملفات رئيسية:
- الأسواق العربية
- الأسواق الإفريقية
- الأسواق الأوروبية
ويتطلب هذا معرفة دقيقة باحتياجات هذه الأسواق وتوجيه التصنيع المحلي لخدمتها، إلى جانب تطوير الموانئ الذكية وتحسين سرعة وكفاءة سلاسل الإمداد، مشيرًا إلى ضرورة الموازنة بين تلبية الطلب المحلي وتقليل الاستيراد، وتوسيع قاعدة التصدير الإقليمي والدولي.

دفع الاقتصاد المصري
أوضح شاهين أن هناك 4 قطاعات صناعية رئيسية يرى أنها قادرة على دفع الاقتصاد المصري خطوات واسعة إلى الأمام خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي:
- صناعة الأدوية، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية واهتمام الدولة المتزايد بها.
- الكيماويات، نظرًا لتنوعها واعتماد قطاعات كثيرة عليها.
- الصناعات الكهربائية، مثل إنتاج الكابلات والمواسير والأجهزة ذات الاستخدام الصناعي.
- الصناعات الغذائية، مستفيدة من الموقع الجغرافي لمصر ومناخها الزراعي المتنوع.
كما أشار إلى وجود فرص واعدة أيضًا في صناعات البلاستيك والمواسير، رغم تراجع الطلب العالمي عليها، إلا أن مصر ما زالت تتمتع بميزة تنافسية في الجودة والسعر.
واختتم الدكتور إسلام شاهين، حديثه أنه بالتأكيد على أن الاستثمار في هذه القطاعات، ضمن خطة واضحة ومدعومة بالتعليم الفني والتكنولوجي الحديث، من شأنه أن يحدث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري، ويعزز من مكانته كمركز صناعي إقليمي.