سداد الصادرات بالعملات الأجنبية، خطوة لتعزيز الاحتياطي النقدي أم عبء على المصدرين؟

أثار قرار وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية بإلزام المصدرين بسداد قيمة بعض السلع بالكامل بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل قبل الإفراج الجمركي، ردود فعل متباينة في الأوساط الاقتصادية، بين من يرى فيه خطوة لتعزيز استقرار سوق الصرف وبناء احتياطي نقد أجنبي قوي، ومن يحذر من تداعياته على حركة التجارة والصادرات.
ويأتي القرار في ظل سعي الحكومة لتعزيز سياساتها النقدية وضبط سوق الصرف، وسط تحديات اقتصادية مستمرة نتيجة تقلبات الأسواق العالمية.
ووفقًا للقرار، يشترط على المصدرين تقديم شهادة بنكية تثبت سداد قيمة البضائع بطرق دفع مضمونة، كفتح اعتماد مستندي، أو تحويل نقدي كامل، أو تحويلات بنكية قبل الشحن، وذلك عبر البنوك المصرية المعتمدة، ويشمل القرار صادرات تشمل سلعًا استراتيجية منها الدقيق، والموصلات الكهربائية، والبولى بروبلين، والأسمدة، وزيت فول الصويا، ومنتجات الألومنيوم، وحديد التسليح، والميثانول، وحمض الفوسفوريك، وغيرها.

البهي: القرار قد يهدد التعامل مع الأسواق التقليدية في دول الجوار
وأكد محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، دعم الاتحاد الكامل لجهود الدولة في تعزيز استقرار الاقتصاد، لكنه دعا إلى مراعاة الأعراف الدولية في التبادل التجاري، محذرًا من أن الإلزام الكامل بالدفع المسبق بالعملة الأجنبية قد يضع عراقيل أمام التعامل مع بعض الأسواق، خاصة في دول الجوار التي تعاني من أنظمة مصرفية غير مستقرة.
وأشار البهي في تصريحات صحفية، إلى أن العرف التجاري العالمي يمنح مرونة في التحصيل مثل الدفع مقابل المستندات أو تقديم تسهيلات ائتمانية، ما يضمن استمرارية العلاقات التجارية دون الإضرار بالاقتصاد الوطني.
وأضاف أن أغلب المصدرين ملتزمون بإدخال حصيلة الصادرات إلى الجهاز المصرفي، خاصة أن صرف الدعم التصديري مرهون بذلك.
ودعا إلى دراسة توقيت إصدار مثل هذه القرارات بعناية، خاصة في ظل التغيرات السريعة في الأسواق العالمية، مؤكدًا ضرورة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل والتدرج في الإجراءات دون الإضرار بقدرة السوق المصري على المنافسة.

المهندس: القرار قد يدفع المصنعين نحو أسواق بديلة
ومن جانبه، قال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن القرار يهدف في جوهره إلى دعم احتياطي النقد الأجنبي، لكنه قد يحمل آثارًا جانبية غير محسوبة على حركة التصدير، خاصة أن بعض المصانع قد تتجه نحو التصنيع في دول تقدم حوافز وتسهيلات أكبر مثل تركيا.
وأشار المهندس في تصريحات صحفية، إلى أن اشتراط تحصيل كامل القيمة بالدولار قبل التصدير يمثل عبئًا إضافيًا، في وقت تعاني فيه السوق المحلية من نقص في المعروض وارتفاع الأسعار بسبب تفضيل المصانع التصدير على البيع المحلي.
وأضاف أن الرؤية لا تزال غير واضحة، ويصعب تقييم التأثير الكامل للقرار في الوقت الحالي، متسائلًا ما إذا كان القرار سيدعم بيئة التصدير فعلًا أم يعمق التحديات أمام المنتجين والمصدرين.