بعد بكاء عروسة في الكوشة، هل يجوز زواج متلازمة داون في الإسلام؟

أثار مقطع فيديو مؤثر لعروس تبكي أثناء زفافها على شاب مصاب بمتلازمة داون، تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي جدلًا واسعًا، خاصة بعد أن تبين أن الزفاف قد جرى في إحدى القرى المصرية، وتنوعت ردود الفعل بين متعاطفين ومنتقدين.
العروس تبكي وشكوك حول موافقتها على الزواج
ظهرت العروس في الفيديو المنتشر وهي تبكي أثناء مراسم الزفاف، وهو ما أثار شكوك رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول مدى رضاها عن الزواج، إذ اعتبر البعض أن الفتاة مغصوبة على هذا الزواج، وأشاروا إلى أن تعابير وجهها تدل على الحزن والرفض، ما دفع البعض للمطالبة بمحاسبة الأهل والمأذون الشرعي الذي أتم الزواج.

وهاجم عدد من المدونين والبلوجرز الواقعة بشدة، إذ قالت البلوجر سماء مصطفى: "الجوازة باطلة من شروط الجواز أن يكون الطرفان بكامل قواهم العقلية"، بينما أكدت البلوجر لونا محيي أن الزواج بالإجبار يفقد ركنًا أساسيًا من أركانه وهو الرضا، ما يجعله باطلًا شرعًا.
من جهته أشار البلوجر أحمد نبيل إلى أن مثل هذه الزيجات تفرض أحيانًا لمجرد أن الأهل يريدون الفرح بابنهم، دون النظر إلى مشاعر الطرف الآخر، بينما وصفت داليا كحلة المشهد بأنه حرام شرعًا مؤكدة أن البنت مغصوبة بالفعل.
دار الإفتاء: يجوز زواج المعاقين عقليًا بشروط
وفي إطار متصل أكدت دار الإفتاء المصرية في بيان رسمي أن من حق المعاق عقليًّا أن يتزوج ما دامت أركان الزواج متوافرة، وما دام محاطًا بالحرص على مصلحته، مشيرة إلى أن الغرض من الزواج لا يقتصر على الإنجاب فقط، بل يشمل المودة والرحمة والسكن.
وأضافت الإفتاء إذا كانت الشريعة قد أباحت زواج المجنون وزواج المجنونة، فإن زواج المعاق إعاقة عقلية بسيطة أولى بالإباحة، بشرط أن يكون تحت رعاية القيم الشرعي الذي يتصرف بما فيه مصلحة المعاق، ويشترط رضا الطرف الآخر كذلك.

واستشهدت دار الإفتاء برأي فقهاء الحنابلة في كتاب "كشاف القناع"، الذين أباحوا زواج المجنونة إذا ظهر منها الميل للرجال، لما في ذلك من تحقيق مصالحها ودرء المفاسد، كما أكدت أن ولاية التزويج يمكن أن تكون للحاكم إن لم يوجد ولي، وهو ما ينطبق بشكل جزئي على بعض حالات المعاقين.
لا مانع طبي من زواج مصابي متلازمة داون
من الناحية الطبية صرح عدد من الأطباء بأن المصابين بمتلازمة داون يمكنهم الزواج والإنجاب، بشرط أن تكون درجة الإعاقة مناسبة، وأن يكون هناك وعي وتثقيف مسبق، وأشاروا إلى أن هناك تفاوتًا بين الحالات، وبعض الأفراد أثبتوا قدرتهم على بناء حياة زوجية ناجحة.
كما أكد الخبراء أن الإنجاب ممكن لكنه محفوف بمخاطر وراثية، إذ أن نسبة تكرار متلازمة داون في الأبناء تصل إلى 50%، ويمكن تقليل هذه النسبة باستخدام تقنيات التلقيح الصناعي واختيار الأجنة السليمة.

ورغم تأكيد الجهات الشرعية والطبية على إمكانية زواج المصابين بمتلازمة داون بشروط، تبقى قضية القبول والرضا الشخصي هي الأهم، خصوصًا إذا كان أحد الطرفين غير مقتنع أو مجبر على الزواج، فالإسلام وإن أجاز مثل هذه الزيجات بشروط، إلا أنه لا يبيح الإكراه أو التعدي على حرية الاختيار.