ما حكم المنتحر الذي يعاني من مرض نفسي؟
حكم المنتحر، أثارت واقعة انتحار حفيد الدكتورة نوال الدجوي، حالة من الجدل الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما دفع عدد كبير لللتساؤل حول ما حكم المنتحر الذي يعاني من مرض نفسي؟.
أحمد كريمة: فاقد العقل لا يؤاخذ شرعًا
وأوضح الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن من يقدم على الانتحار وهو فاقد لقواه العقلية لا يؤاخذ شرعًا، حيث رفع عنه القلم، واستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ".
وأوضح أن المدارك العقلية هي أساس المسؤولية الشرعية، وإذا تعطلت بسبب مرض نفسي شديد، فإن الشخص يكون في حكم غير المكلف.
دار الإفتاء: الانتحار حرام، لكنه لا يخرج من الإسلام
ومن جهتها أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن الانتحار كبيرة من الكبائر وجريمة في حق النفس، لكنها شددت على أن المنتحر لا يعد كافرًا، ولا يخرج من الملة، بل يظل مسلمًا يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، مستشهدة بقول الله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا"، كما روت الحديث الشريف: "ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة".
وأوضحت الدار أن المنتحر واقع في كبيرة، لكننا يجب ألا نخلق له تبريرات أو نتعاطف معه، بل ننظر إليه باعتباره حالة مرضية قابلة للعلاج ويجب أن تحاط بالدعم النفسي والأسري.
الشيخ عويضة عثمان: لا يجوز اليأس من رحمة الله
وردًا على سؤال حول الانتحار بسبب الاكتئاب أو المرض النفسي، قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء: "أوعى تقول أنا بفكر في الانتحار، فعطاء الله كبير وما عنده أفضل".
وأضاف أن عدم تحقق الأحلام أو التعرض للفشل لا يبرر الانتحار، ضاربًا أمثلة بشباب رسبوا أو لم يتزوجوا من يحبون ثم تحولت حياتهم للأفضل، موضحًا أن الانتحار هو اعتراض على قضاء الله، وأن الصبر مفتاح الفرج، محذرًا من أن اليأس طريق للهلاك.
عقوبة المنتحر في الآخرة
وأكد الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن المنتحر قد يرتكب كبيرة لكنه لا يخلد في النار إن مات مؤمنًا، لأن مصير كل الذنوب عدا الشرك بالله تحت مشيئة الله.
كما أوضح أن سؤال لماذا يعذب الله المنتحر رغم أن الله قدر له الانتحار غير دقيق، لأن العبد يمتلك الإرادة والاختيار، وإن استخدم قدرته في معصية، فقد خالف شرع الله ويحاسب على ذلك.
لا تستهينوا بالمرض النفسي فعلاجه واجب
وحث العلماء الجميع خصوصًا أهل المنتحر، على الدعاء له، والاستغفار والتصدق عنه، مشيرين إلى أن ما أصابه من أمراض وهموم وآلام قد تكون كفارة لذنوبه، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه".
ويجب التأكيد بأن المرض النفسي ليس ضعفًا في الإيمان بل مرض حقيقي يجب أن يؤخذ بجدية، والتوعية، العلاج، والدعم النفسي ليست رفاهية، بل ضرورة دينية وإنسانية.
