من هو الإمام السيوطي الذي وجه الرئيس السيسي دعاة الأوقاف للاقتداء به؟
من هو الإمام السيوطي .. شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي صباح اليوم في حفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف بالأكاديمية العسكرية المصرية، وذلك بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية، ووجه خلال كلمته عدة رسائل مهمة تحمل رؤية الدولة في إعداد إنسان متوازن ومسؤول، قادر على الإسهام الإيجابي في المجتمع، مؤكدًا على أن الكلمات وحدها لا تكفي لإحداث التغيير، بل يجب أن تترجم إلى أفعال حقيقية.
الرئيس السيسي: الإمام السيوطي نموذج يحتذى به
وأشار الرئيس السيسي إلى الإمام جلال الدين السيوطي كنموذج يحتذى به في المثابرة والإبداع، موضحًا أنه ألف ما يزيد علي 1164 كتابًا خلال حياته، في إشارة إلى أهمية العلم والتأليف كركائز لتقدم الأمة، داعيًا إلى الاستفادة من دور المساجد ليس فقط في أداء الشعائر الدينية بل كذلك في تقديم خدمات تعليمية للطلاب، وغرس القيم والأخلاق السامية، كما شدد على ضرورة حسن معاملة الجيران وتربية الأبناء تربية صالحة، مع التأكيد على أهمية مواكبة التطور دون المساس بالثوابت الدينية.
جلال الدين السيوطي.. موسوعة بشرية وعالم فذ
ولد الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر السيوطي في القاهرة في غرة رجب سنة 849هـ / 1444م، وينتمي إلى أسرة علمية عريقة تنحدر من مدينة أسيوط، وانتقل والده إلى القاهرة طلبًا للعلم، وتروى قصة طريفة عن مولده حيث كانت والدته حاملًا به عندما طلب منها والده كتابًا من مكتبته، وأخذها الطلق وهي تحمل الكتاب، فأطلق عليه ابن الكتب، وهي تسمية جسدت حياته لاحقًا، إذ عاش عمره بين الكتب تأليفًا وتحقيقًا وتعليمًا.
توفي والده وهو في السادسة من عمره وكان حينها قد وصل في حفظ القرآن إلى سورة التحريم، وأتم حفظ المصحف كاملًا في سن الثامنة، وتربى في بيئة علمية راقية وكان من أبرز من أشرف على تعليمه الإمام كمال الدين بن الهمام، ثم تنقل بين كبار علماء عصره، مثل الإمام ابن حجر العسقلاني، ودرس علوم الدين واللغة.
السيوطي.. مسيرته العلمية وبدايات التأليف
برز نبوغه العلمي مبكرًا وألف أول كتبه وهو في السابعة عشرة من عمره، وهو شرح للاستعاذة والبسملة نال إعجاب شيخه البلقيني، واعتمد السيوطي في طلب العلم على السفر، فزار الشام، واليمن، ومكة، والمغرب، وبلاد التكرور (جنوب موريتانيا)، وكان يلازم شيوخه سنوات طويلة، ومن أبرزهم محيي الدين الكافيجي الذي لازمه 14 عامًا، بالإضافة إلى العديد من العلماء مثل كمالية الأصفهانية وآسية الطبري.
وأعلن السيوطي أنه تبحر في سبعة علوم رئيسية: التفسير، الحديث، الفقه، النحو، المعاني، البيان، البديع، إضافة إلى أصول الفقه والتصريف، وقال: "قد كملت عندي آلة الاجتهاد بحمد الله"، مما يدل على عمق معرفته بأدوات الاجتهاد والاستنباط.
وبدأ السيوطي الإفتاء مبكرًا وجلس للتدريس وهو في العقد الثاني من عمره، وتميز بعلم الحديث، وأصبح قبلة لطلاب العلم من مختلف البلدان، غير أنه تعرض لاحقًا لخلافات مع بعض العلماء مثل شمس الدين السخاوي، مما دفعه إلى اعتزال الإفتاء والتدريس والتفرغ للتأليف، حيث هاجم السخاوي السيوطي واتهمه بالسطو على كتب نادرة، فرد عليه برسالة "مقامة الكاوي في الرد على السخاوي"، ثم قرر التفرغ للتأليف، وكتب في ذلك رسالتين: "المقامة اللؤلؤية" و"التنفيس في الاعتذار عن ترك الإفتاء والتدريس".
مؤلفات السيوطي
وتنوعت مؤلفاته بين التفسير والحديث والفقه واللغة والتاريخ، ومن أشهر أعماله الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جمع فيه روايات التفسير عن النبي والصحابة والتابعين، وتفسير الجلالين، أكمل ما بدأه جلال الدين المحلي من تفسير مختصر للقرآن، والإتقان في علوم القرآن، من أوسع الكتب وأكثرها فائدة في علوم القرآن، الأشباه والنظائر في فقه الشافعي، والبهجة المرضية في شرح الألفية، وتاريخ الخلفاء وحسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة، وغيرها حيث بلغ عدد مؤلفاته أكثر من 600 كتاب حسب ابن إياس، وأوصلها المستشرق بروكلمان إلى 415 عنوانًا.
وفاة السيوطي ومكان دفنه
توفي الإمام السيوطي يوم الجمعة 19 جمادى الأولى سنة 911 هـ / 1505م عن عمر ناهز 61 عامًا بعد مرض قصير، ودفن في قرافة السيدة عائشة بالقاهرة، تاركًا خلفه تراثًا علميًا هائلًا واسمًا خالدًا في ذاكرة الأمة الإسلامية.
