الخميس 14 أغسطس 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

في مطلع أغسطس الجاري، عاشت مصر وقائع انتخابات مجلس الشيوخ، ذلك الاستحقاق الدستوري الذي يفترض أن يكون منبرًا لتعزيز المشاركة السياسية وتمثيل مختلف فئات المجتمع. 

ومع إعلان النتائج النهائية، برز سؤال جوهري لم يفقد حدته طوال فترة العملية الانتخابية: هل أنصفت هذه الانتخابات المرأة المصرية؟

الأرقام التي رصدها المركز المصري لحقوق المرأة، كشفت أن نسبة ترشح النساء في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 لم تتجاوز 12% من إجمالي المرشحين على المقاعد الفردية، حيث بلغ عدد المرشحات 51 سيدة فقط من أصل 424 مرشحًا.

وإذا أمعنّا النظر في التفاصيل، نجد أن 14.7% من المرشحات كنّ مستقلات، أي 27 سيدة من أصل 183 مرشحًا مستقلًا، بينما بلغت نسبة المرشحات الحزبيات 9.9% فقط، أي 24 سيدة من أصل 241 مرشحًا حزبيًا. 

الأخطر من ذلك أن 12 محافظة كاملة لم تشهد أي ترشح نسائي على الإطلاق، وهي: أسوان، الأقصر، البحر الأحمر، الوادي الجديد، بني سويف، بورسعيد، جنوب سيناء، شمال سيناء، كفر الشيخ، مرسى مطروح، سوهاج، والمنيا.

لم تكن الأرقام المتعلقة بترشح النساء وحدها كاشفة، بل أظهرت خريطة الترشيحات الحزبية خللًا أعمق في فلسفة دعم المرأة سياسيًا، حيث أكدت الأرقام الرسمية أن 18 حزبًا سياسيًا لم يرشحوا أي سيدات على المقاعد الفردية، واكتفوا بالرجال فقط، ومن بين هذه الأحزاب مستقبل وطن، حماة وطن، الإصلاح والتنمية، الجبهة الوطنية، والشعب الجمهوري. 

في المقابل، كان هناك 15 حزبًا فقط قدّموا مرشحات، أبرزها صوت الشعب، الاتحادي الديمقراطي، مصر المستقبل، والمصريين الأحرار، وهو ما يعكس أن مشاركة المرأة الحزبية ما زالت رهينة مبادرات فردية لا سياسة عامة ملزمة.

القانون ينص على تخصيص 10% على الأقل من مقاعد مجلس الشيوخ للنساء، إلا أن هذا النص القانوني تحوّل في الممارسة إلى سقف لا أرضية، إذ التزمت الأحزاب بالحد الأدنى فقط دون محاولة لتجاوزه.

ففي نظام القوائم، ترشحت قائمة واحدة هي "القائمة الوطنية من أجل مصر"، وضمت 20 سيدة في القائمة الأصلية، وهو الحد الأدنى المطلوب، بينما ضمت القائمة الاحتياطية 29 سيدة، ما يثبت أن الأحزاب تملك كفاءات نسائية مؤهلة لكنها لا تمنحها فرصًا متقدمة للفوز.

ورغم ضعف نسب الترشح، شهدت لجان الاقتراع إقبالًا لافتًا من الناخبات، إذ توافدت آلاف السيدات في محافظات مثل قنا وسوهاج والجيزة والقاهرة، مدفوعات بحملات توعية أطلقها المجلس القومي للمرأة مثل حملة "صوتك أمانة"، وأغنية "ست الستات" التي استهدفت رفع الوعي وحشد المشاركة، فكان الحضور النسائي في التصويت مؤثرًا، لكنه لم ينعكس بالقدر الكافي على النتائج النهائية.

ومع إعلان النتائج، اتضح أن عدد الفائزات لم يتجاوز النسبة القانونية (10%)، مؤكّدًا المخاوف التي رافقت العملية الانتخابية منذ بدايتها، بل إن غياب المرأة عن 12 محافظة كاملة جعل التمثيل الجغرافي للنساء في المجلس غير متوازن، ما يعني أن صوت المرأة في كثير من المناطق سيظل غائبًا عن طاولة التشريع والمشورة.

ومع انتهاء هذه الجولة وإعلان نتائجها، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستعيد الأحزاب النظر في سياساتها لتعزيز دور المرأة، أم أن المشهد الانتخابي القادم سيعيد إنتاج نفس القيود ونفس الأرقام؟

تم نسخ الرابط