مدى تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد العالمي، خبير يوضح

قال الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، إن الرسوم الجمركية كان ينظر إليها في البداية كأداة لتحفيز الصناعات المحلية، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعاني من مشكلات هيكلية، أبرزها العجز الضخم في الميزان التجاري الذي يتجاوز 1.2 تريليون دولار.
1.2 تريليون دولار، قيمة العجز في الميزان التجاري
وأضاف “شعيب” في مداخلة هاتفية على قناة النيل للأخبار، أن هذا العجز يعكس اعتمادًا كبيرًا على الواردات لتغطية الطلب المحلي، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تبني سياسات جمركية تهدف إلى تقليل هذا الاعتماد.

وأوضح أن ترامب وعد ناخبيه، لا سيما المستثمرين ورجال الأعمال، بتخفيض الضرائب، لكن هذا خلق بدوره اختلالات مالية داخلية، وبدلاً من إصلاح هذه التحديات من خلال سياسات مالية مستقرة، تم اللجوء إلى فرض رسوم جمركية يتحملها في النهاية المواطن الأمريكي، وهو ما لم يكن حلاً ناجعًا في ظل عجز الموازنة الذي بلغ 1.4 تريليون دولار.
على الصعيد الدولي، أوضح الدكتور بلال شعيب أن فرض المزيد من الرسوم الجمركية يضر بالتجارة العالمية، خاصة أن الصين تساهم بنحو 30% من الإنتاج الصناعي العالمي، في مقابل 15% للولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يؤدي إلى تعطيل سلاسل الإمداد، ويعيد مؤشرات التضخم للارتفاع مجددًا، وهو ما يظهر بالفعل في السياسات النقدية المتذبذبة للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
تأثير الرسوم الجمركية على دول جنوب شرق آسيا
وأكد أن تلك الرسوم أثرت سلبًا على دول جنوب شرق آسيا، حيث تسببت في حالة ركود لم تشهدها منذ جائحة كورونا، ورغم ما يدعيه ترامب عن جني مليارات الدولارات من هذه السياسات، فإن نتائجها السلبية على السوق العالمي واضحة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الولايات المتحدة، بدلاً من تعزيز الاتفاقيات التجارية، أصبحت تميل إلى “الصفقات”، مما يعكس تراجعًا في مفاهيم التعاون الاقتصادي العالمي.
وتابع بأن فاتورة واردات أمريكا بلغت نحو 4.2 تريليون دولار، مقابل صادرات لا تتجاوز 3.1 تريليون، ما يعكس خللاً كبيرًا يتطلب دعمًا للصناعة الأمريكية وليس فقط فرض قيود على المنافسين.
العلاقات الدولية
وفيما يخص العلاقات الدولية، أكد شعيب أن سياسات التصعيد التجاري مع أطراف كبرى مثل الخلافات مع الصين أو التدخلات في سياسات الفيدرالي تخلق بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يتناقض مع أهداف إدارة ترامب.
غياب تحالفات اقتصادية مضادة
وفي سؤال حول غياب تحالفات اقتصادية مضادة، مثل تكتل أوروبي-آسيوي-أفريقي، أوضح أن كل دولة أو تكتل يسعى حاليًا لتحقيق مصالحه الذاتية، لكن من الواضح أن العالم يشهد تراجعًا في الهيمنة الأمريكية، خاصة مع صعود قوى اقتصادية كبرى مثل الصين والهند، وتوسع مجموعة “البريكس” التي تنادي باستخدام عملات محلية بديلة عن الدولار.
اقرأ أيضًا: هل تدفع الرسوم الجمركية الاقتصاد العالمي نحو الركود؟، خبير يجيب
خبراء يكشفون تأثير الاتفاق الأمريكي الأوروبي حول الرسوم الجمركية على مصر
شعيب: جميع وعود ترامب لم يتم تنفيذها
وأكد الخبير الاقتصادي أن جميع وعود ترامب، سواء بإنهاء النزاعات الدولية أو تحسين الوضع الاقتصادي المحلي، لم يتم تنفيذها، إذ لم يخفض أسعار الفائدة كما وعد، ولم ينه الحرب الروسية الأوكرانية، ولا الصراع في الشرق الأوسط.
تأثير الرسوم الجمركية على الأسواق العالمية
وفيما يتعلق بتأثير هذه السياسات على الأسواق العالمية، أوضح أن المشهد الحالي يساهم في تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي كلفت الاقتصاد الأمريكي وحده أكثر من 100 مليار دولار خلال العام الماضي، إضافة إلى خسائر شركات التأمين التي تجاوزت 20 مليار دولار.

10% من سكان العالم قد يواجهون خطر سوء تغذية حاد
كما حذر الدكتور بلال شعيب من أزمة غذاء متنامية، حيث تشير تقديرات برنامج الغذاء العالمي إلى أن 10% من سكان العالم قد يواجهون خطر سوء تغذية حاد، يضاف إلى ذلك أزمة الطاقة، وتفاقم أزمة الديون العالمية التي تجاوزت 616 تريليون دولار، منها أكثر من 38 تريليون دولار ديون أمريكية.
ونتيجة لهذه الأزمات المتراكبة، أصبحت الأسواق العالمية أكثر هشاشة، حيث تتذبذب أسعار المحروقات بشكل ملحوظ، بينما يتجه المستثمرون نحو الذهب كملاذ آمن، ويبتعدون عن أدوات الدين والسندات الورقية.