هل تدفع الرسوم الجمركية الاقتصاد العالمي نحو الركود؟، خبير يجيب

قال الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، إن فرض الرسوم الجمركية من قِبل الولايات المتحدة يزيد من اضطراب المشهد الاقتصادي العالمي، مؤكدًا أن المتضرر الأول من هذه السياسات هو المواطن الأمريكي نفسه، إلى جانب المستهلكين حول العالم.
خبير اقتصادي: المواطن هو المتضرر الأكبر من سياسات ترامب التجارية
وأضاف “شعيب” في مداخلة هاتفية عبر قناة النيل للأخبار، أن تلك الرسوم تحمل المواطن أعباءً إضافية سواء على صعيد الأسعار أو على مستوى تراجع قدرة الاقتصاد على النمو المستدام.

وأشار “شعيب” إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد وعد في حملته الانتخابية، بتخفيض أسعار الفائدة وتقديم مزيد من التخفيضات الضريبية، وهي وعود تخدم بالدرجة الأولى المستثمرين ورجال الأعمال الذين يمثلهم سياسيًا.
واعتبر أن هذه السياسة الضريبية لا تعود بالنفع المباشر على المواطن العادي بقدر ما تخدم فئات محددة في الاقتصاد الأمريكي.
التيسير النقدي وتثبيت الفائدة في ظل التوترات التجارية
وأوضح شعيب أن الفيدرالي الأمريكي اتجه في نهاية عام 2024 إلى التيسير النقدي، نتيجة استقرار مؤشرات الاقتصاد وميل التضخم للانخفاض، وهو ما سمح بعدم تشديد السياسات النقدية، إلا أن عودة ترامب إلى الواجهة السياسية أعادت الفيدرالي إلى نهج تثبيت أسعار الفائدة، لـ 4 جلسات متتالية، وسط حالة من الحذر وعدم اليقين.
تثبيت سعر الفائدة يعكس حجم المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي
وأكد الدكتور بلال شعيب، أن تثبيت سعر الفائدة يعكس حجم المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي، خاصة في ظل تصاعد التوترات التجارية والسياسات الاقتصادية العدائية التي تنتهجها بعض الدول، كما نبه إلى أن الاقتصاد الأمريكي يعاني من عجز مزمن في الميزان التجاري يبلغ 2.2 تريليون دولار، ما يبرز اعتماده الكبير على الاستيراد لتغطية احتياجات السوق المحلي.
عجز الميزانية وبدائل التمويل غير المستدامة
كشف “شعيب” أن الميزانية الأمريكية تعاني من عجز يصل إلى نحو 1.4 تريليون دولار، وهو نتيجة لتراجع إيرادات الضرائب بعد التخفيضات التي تم إقرارها سابقًا، ما يدفع الحكومة إلى اللجوء إلى أدوات مثل الرسوم الجمركية لتعويض الفجوة التمويلية، مؤكدًا أن هذه الرسوم ليست حلاً طويل الأمد، بل تزيد من الكلفة على المستهلك وتؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة تضيف أعباءً ضخمة على خدمة الدين العام، ما يزيد الضغوط على المالية العامة الأمريكية.
وعلى الصعيد العالمي، يرى شعيب أن فرض مثل هذه الرسوم قد يتسبب في تباطؤ اقتصادي واسع النطاق، وربما يؤدي إلى ركود، مع احتمالات عودة الذهب كملاذ آمن للاستثمار وسط حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
ترامب والرسوم الجمركية.. وعود غير قابلة للتنفيذ؟
وفيما يتعلق بإمكانية تطبيق هذه الرسوم فعليًا، شكك شعيب في قدرة ترامب على تنفيذ وعوده الانتخابية بالشكل المعلن، مشيرًا إلى أن وعوده السابقة، سواء السياسية أو الاقتصادية، لم يتحقق منها الكثير، فالصراعات الجيوسياسية مثل الحرب في أوكرانيا أو النزاعات في الشرق الأوسط ما زالت مستمرة، ولم تنته كما وعد.

وأوضح أن هناك خلافًا بين ترامب والفيدرالي الأمريكي حول كيفية التعامل مع هذه الأوضاع، حيث يرى ترامب ضرورة خفض أسعار الفائدة لدعم النمو، في حين يتمسك الفيدرالي بالدراسات والبيانات الاقتصادية بعيدًا عن الاعتبارات السياسية.
ولفت شعيب إلى أن الدين العالمي بلغ مستويات غير مسبوقة في نهاية 2024، حيث تجاوز 300 تريليون دولار، من بينها أكثر من 38 تريليون دولار تمثل ديون الولايات المتحدة وحدها.
الاقتصاد العالمي أمام مرحلة من الضبابية
اختتم الدكتور بلال شعيب تحليله بالإشارة إلى أن الاقتصاد العالمي يواجه فترة من الضبابية، خاصة مع تزايد السياسات الحمائية وتراجع التنسيق بين المؤسسات النقدية والحكومات، مؤكدًا أن استمرار التوترات التجارية وغياب الرؤية الموحدة سيزيد من صعوبة المشهد الاقتصادي في المرحلة المقبلة.