زياد الرحباني يعيد مشهد جنازات توديع الفنانين بالرقص، أبرزهم الشحرورة

أعاد تشييع جثمان الفنان اللبناني زياد الرحباني ابن فيروز، مشهد الجدل حول طقوس الجنازات الفريدة في لبنان إلى الواجهة من جديد، مع موكب شعبي طغت عليه الزغاريد والرقص، ونثرت خلاله الورود، وسط تصفيق وهتافات، أشعلت نقاشًا واسعًا عبر مواقع التواصل والإعلام العربي.

ففي بلد يحمل تناقضات كبيرة بين الحزن والفرح، الموت لا يعني دائمًا البكاء والنواح، بل قد يستقبل برقص على وقع الطبول، وإطلاق أعيرة نارية، وأغاني يحبها الراحل، وربما حسب وصيته، وكأن وداعه احتفالا بحياته لا نهاية لها.
وداع زياد الرحباني : الزغاريد تتقدم الموكب
انطلق موكب تشييع زياد الرحباني من مستشفى فؤاد خوري في منطقة الحمراء بيروت، وسط حضور شعبي لافت لمحبيه وأصدقائه الذين حرصوا على وداعه بالزغاريد والورود، وصولًا إلى بلدة بكيفا في جبل لبنان.
الهتافات، والتصفيق، والرقص، وتجمهر الناس على جوانب الطرقات لاستقبال جثمانه، كلها مشاهد جسدت الطابع الخاص للجنازات اللبنانية، التي تحولت من طقس ديني بحت إلى طقس اجتماعي وفني ومشهد تعبيري عن محبة الناس وتأثرهم.

اقرأ أيضًا
طارق الشناوي: زياد الرحباني تميز بجرأته الاستثنائية وظل وفيا لفن والدته فيروز
لبنان يودع زياد الرحباني بالزغاريد والورود.. موكب حاشد يرافق ابن فيروز لمثواه الأخير
أسرة زياد الرحباني تحدد موعد تشيع الجثمان ومكان استقبال العزاء
زياد الرحباني، غاب الأهل عن مشهد النهاية ونساء خلدن أعماله
نقابة المهن الموسيقية تنعى الموسيقار زياد الرحباني
حين يتحول الوداع إلى عرض فني: جنازات سبقت زياد وأثارت الجدل
لم تكن جنازة زياد الرحباني الأولى من نوعها التي تثير التساؤلات حول مراسم التشييع في لبنان، فقد سبقته عدة جنازات أثارت الجدل بسبب طقوسها غير المألوفة.
جنازة جورج الراسي
عام 2022، ودع اللبنانيون الفنان جورج الراسي برقص بالنعش، وصوت الطبول، وإطلاق نار احتفالي، في جنازة بدت أقرب لمهرجان شعبي منها إلى وداع حزين، الفيديوهات التي انتشرت حينها أشعلت نقاشات واسعة بين مؤيد يرى في ذلك تعبيرًا عن المحبة، ومعارض يرى فيه تجاوزًا لقدسية الموت.
جنازة ملحم بركات
عام 2016، تم تشييع الموسيقار ملحم بركات على أنغام أغنيته "حبيبي إنت"، وسط حضور فني واسع، تم تنفيذ وصيته بدفنه ببدلة بيضاء، فيما شارك عازفون ومطربون في وداعه، لتحول الجنازة إلى ما يشبه حفلة وداع موسيقية.
جنازة الشحرورة صباح
قبل ملحم بعامين، رحلت صباح، وخرجت جنازتها في احتفال غنائي ضخم، وضعت صورتها على مركبة مكشوفة، وسارت خلفها فرق موسيقية، وكأن الوداع كان عرضًا فنّيًا يليق بحياتها المليئة بالأضواء.
جنازة نيقولا كرم (شقيق نجوى كرم)
حتى ذوو الفنانين لم يسلموا من هذه الطقوس؛ فقد شيع جثمان نيقولا كرم، شقيق الفنانة نجوى كرم، بأجواء احتفالية مماثلة، شملت الرقص على النعش، والمفرقعات، والأغاني الشعبية، في مشهد أثار موجة انتقادات وجدالات.
بين التقاليد والجدل: كيف يرى اللبنانيون هذه الطقوس؟
يبرر الكثير من اللبنانيين هذه الطقوس الاحتفالية في الجنازات على أنها تنفيذ لرغبة الراحل، أو تعبير عن حبهم الكبير له، أو حتى قناعة بأن الراحل "انتقل إلى مكان أفضل"، أي "عريس في الجنة".
ورغم أن هذه المشاهد تثير الجدل في العالم العربي الذي اعتاد على الوداع بالحزن والدموع، إلا أنها أصبحت جزءًا من الهوية الثقافية اللبنانية، خصوصًا في جنازات الفنانين الذين شكلوا أيقونات في الذاكرة الشعبية.