12 يوليو ذكرى دخول الصليبيين عكا، ماذا تعرف عن قاهرة نابليون وقبلة البهائيين؟

تبلع مساحة مدينة عكا أربعة عشر كيلومترًا مربعًا، وتمتدّ مدينة عكا شمال فلسطين، فهي من أقدم المدن التاريخيّة الفلسطينيّة على الإطلاق، وحظيت بمكانة مهمة ومعتبرة طوال تاريخها، نظراً لموقعها الاستراتيجي الممتاز وأسوارها.
تمر اليوم 12 يوليو الذكرى الـ 834، على دخول الصليبيين عكا عام 1191م، التي كانت خاضعة لسيطرة المسلمين، ضمن الحملة الصليبية الثالثة التي تزعمها فردريك باربروسا إمبراطور ألمانيا، وفيليب أوغسطس ملك فرنسا، وريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا.

لوحات الفن التشكيلي العالمية وثقت مذبحة عكا، ومنها لوحة للفنان الفرنسي ألفونس دي نوفيل، التي رسمها عام 1883، ويجسد فيها الملك الإنجليزي ريتشارد قلب الأسد قائد الحملة الصليبية الثالثة، وهو يتأمل ببرود ويمتطى جواده، ويسير على جثث أهل عكا المُكدّسة الذين أمر باعداهم بعد انتصاره على صلاح الدين الأيوبي ودخوله لمدينة عكا في عام 1191م.
فشلت الحملة الصليبيّة الثالثة في انتزاع بيت المقدس من المسلمين، إلا أن مدينة عكا بقيت تحت سيطرة القوات الصليبيّة، ولم يستطع صلاح الدين أو أي من خلفائه من سلاطين الدولة الأيوبية، أن يدخلوا تلك المدينة الحصينة، لقوة حاميتها وضخامة أسوارها وأبراجها، حتى أصبحت مضرب الأمثال: "كأنه فتح عكا".

وفي 690هـ/ 1291م، كتب السلطان المملوكي الأشرف صلاح الدين خليل، كلمة النهاية لذلك الصراع الدامي الطويل، عندما قاد جيوشه لمدينة عكا، واستطاع أن يدخلها بعد حصارها لأكثر من شهر، منهياً بذلك البقية الباقية من الوجود الصليبي في بلاد الشام.
عكا الصخرة التي تحطمت عليها سفينة أحلام نابليون بونابرت
في 1798م، توجّه الجنرال الفرنسي الأشهر نابليون بونابرت، على رأس حملة عسكريّة كبيرة باتجاه مصر، حيث استطاع الفرنسيون أن يهزموا قوّات المماليك في بعض المعارك، ومن ثم فرضوا سيطرتهم الكاملة على الوجه البحري وجزء كبير من الصعيد.
وكان نابليون يخطط لعزل عدوته إنجلترا عن مستعمراتها الكبرى في الهند، وكان في الوقت ذاته، يطمح لتأسيس إمبراطوريّة فرنسية ضخمة في الشرق، وكانت مصر هي الهدف الأول له، وبعد فتحها وجّه نظره نحو فلسطين، وبالتحديد صوب مدينتي يافا وعكا.

تمكن نابليون من إخضاع يافا بسهولة، ولكنه ارتكب واحدة من أعظم أخطائه على الإطلاق عندما حنث بوعده الذي قطعه لحاميتها، فقتل ما يقرب من أربعة آلاف أسير، ولكن المدافعين عن عكا ثبتوا، بعد خيانته الوعود مع يافا.
في مارس 1799م، حاصر نابليون عكا، وكان تعداد القوّات الفرنسيّة يقارب ثلاثة عشر ألف جندي، أما الوالي العثماني أحمد باشا الجزار، رفض تسليم المدينة وتحصّن داخل أسوار مدينته مع ما يقرب من أربعة آلاف جندي، لمدة شهرين، وأعلنوا قتال الفرنسيين، بتمويل من الأسطول الإنجليزي.

واضطر في 21 مايو 1799م، للتراجع وفكّ الحصار عن عكا قاهرة نابليون، وقام بإلقاء مدافعه الثقيلة في البحر المتوسط حتى لا يستفيد العثمانيون منها، وباءت محاولات فتح المدينة بالفشل، بفضل أسوار عكا الشاهقة، التي كانت سببًا رئيساً في إفشال مشروع بونابرت التوسّعي في الشرق.

حدائق البهجة وضريح زعيم البهائية، قبلة البهائيين ومزارهم المقدّس
لمدينة عكا التاريخيّة مكانة دينية، واتصالها وارتباطها بالديانة البهائيّة، وهو ذلك الفصل الذي ابتدأ مع نفي الإيراني ميرزا حسين علي النوري المازندراني، الذي أطلق على نفسه لقب "بهاء الله" 1866، وأمر السلطان العثماني عبد العزيز الأول فرماناً بحبسه في سجن عكا في 1868م.

في سجن عكا، دوّن بهاء الله مجموعة من أهمّ الكتب والمؤلفات، ومنها كتاب الأقدس، أهم الكتب المقدّسة في الديانة البهائيّة، وأرسل بعض الرسائل لمجموعة من حكام الدول الإسلاميّة والأوروبيّة ولبابا الكنيسة الكاثوليكيّة، لـ التعريف بالديانة البهائيّة.

يوجد حاليًا ما يقرب من سبعة مليون إنسان بهائي حول العالم، ينظرون إلى ضريح بهاء الله في عكا، يعتبرون هذا الضريح أحد أهم المزارات الدينيّة التي يحرصون على زيارتها والحجّ إليها، وبالإضافة إلى ذلك فأنهم يتخذون من حدائق البهجة، قبلةً لهم بحيث يتوجّهون إليها بقلوبهم ووجوههم عند كل صلاة.

بعد فترة أشترى بهاء الله قطعة أرض في شمال عكا، وظلّ بها لمدّة اثني عشر عاماً حتى توفّى في 1892م، فدُفن فيها، ومع الوقت تعاظم الاهتمام البهائي بتلك المنطقة، فزُرعت فيها حدائق سُمّيت بحدائق البهجة، وهناك تبرعات ماليّة بهائيّة.

في 2008 م، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة UNESCO عن ضمّ حدائق البهجة في عكا، وحدائق البهائيين الأخرى الموجودة في حيفا، إلى قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، لتصبح مدينة عكا إحدى أهمّ المدن السياحيّة في دولة الكيان الصهيوني.
إقرأ أيضًا:
ولد أسيرًا ومات شهيدًا… يوسف الزق: أيقونة البراءة المقهورة في غزة
نتنياهو في ورطة، انتحار 43 جنديًا إسرائيليًا في 18 شهر
ويوجد ما يقرب من سبعة مليون إنسان بهائي حول العالم، يعتبرون ضريح بهاء الله في عكا، هو أحد أهم المزارات الدينيّة التي يحرصون على زيارتها والحجّ إليها، ويتخذون من حدائق البهجة قبلةً لهم، ويتوجّهون إليها بقلوبهم ووجوههم عند كل صلاة.