في واقعة أثارت موجة واسعة من الغضب والاستنكار بين المصريين في الداخل والخارج، خرج وجيه رؤوف، المدير التنفيذي لهيئة أقباط أوروبا بالنمسا، في فيديو مصوّر يهاجم فيه الدولة المصرية، ويدعو بشكل صريح إلى أن يتولى ولي عهد المملكة العربية السعودية حكم مصر، في مشهد وصفه كثيرون بالخيانة الكبرى والعمالة لحساب أجهزة دولية.
المؤلم في ما قاله وجيه رؤوف ليس مجرد الاختلاف السياسي أو النقد الحاد، بل الانزلاق إلى الدعوة لاستبدال القيادة الوطنية بقيادة أجنبية، في خطاب غير مسبوق يتنافى مع مفهوم الوطنية والانتماء، ويعكس حالة اغتراب حادّ عن واقع مصر وتاريخها وثوابتها.
ما طرحه رؤوف لم يكن رأيًا شخصيًا في شأن سياسي، بل تجاوز حدود التعبير المشروع إلى تحريض فجّ على الكيان الوطني، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة بين المصريين، خاصة وأن الدعوة لحكم غير مصري تمثل في الأعراف الدستورية والوطنية جريمة مكتملة الأركان، لا تبررها خيبة أمل أو حالة غضب.
وفي خلفية هذه التصريحات، تعود إلى الأذهان سوابق عديدة لهذا الشخص، الذي سبق أن أثار الجدل بسبب هجومه المتكرر على الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ودعواته الصريحة لإلغائها في المهجر، فضلًا عن ظهوره في فيديوهات اعتبرت مسيئة للسيدات، واعترف فيها بتبرؤ عائلته منه، وتبعيته لبعض الشخصيات المثيرة للجدل.
دعوة وجيه رؤوف للسعودية لحكم مصر ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة تصريحات تتناقض مع القيم المصرية، وتكشف عن حالة تخلٍّ مؤلمة عن الانتماء، وهي دعوة لا يمكن فهمها إلا بوصفها خروجًا على كل ما تمثله مصر من كرامة واستقلال.
إن الاختلاف لا يصنع الخيانة، لكن حين يتحول النقد إلى تحريض، ويتجاوز الغضب حدود الوطنية، تتحول الكلمة إلى خنجر، ويصبح الصمت خيانة للضمير الجمعي.
ما قاله وجيه رؤوف ليس مجرد رأي، بل اختبار حقيقي للوعي، وتذكير بأن الوطن لا يُستبدل، والسيادة لا تُباع، ومصر لا تُدار من الخارج.
هذه الواقعة تفتح بابًا واسعًا للنقاش حول حدود الحرية والمسؤولية، وتفرض على الإعلام والمجتمع موقفًا حاسمًا من دعاة الفوضى ومن يستخدمون الميكروفون للهدم بدلًا من البناء.
جرجس بشرى
كاتب صحفي