الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

في واحدة من أهم لحظات التحول في تاريخ مصر الحديث، خرج ملايين المصريين في ثورة 30 يونيو 2013 ليكتبوا مشهداً شعبياً فارقاً، أعاد تصحيح المسار، واستعاد الدولة من قبضة جماعة كانت تهدد وحدة الوطن ومؤسساته. 

لم تكن تلك التظاهرات مجرد حركة احتجاجية، بل كانت ثورة مكتملة الأركان، مدفوعة بإرادة جماهيرية جارفة طالبت بالتغيير الحقيقي.

أولاً: مشهد ما قبل ثورة 30 يونيو

شهدت مصر، في عام حكم جماعة الإخوان المسلمين، أزمات متلاحقة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. تجلت مظاهر الاستياء في تراجع الأمن، والانفلات في الشارع، والانقسام الحاد، والتضييق على الحريات، ومحاولات السيطرة على مؤسسات الدولة، مما أدى إلى حالة من الغضب الشعبي العام.

ثانياً: أسباب الغضب والدعوة للنزول

كانت الدعوة لثورة 30 يونيو مدفوعة بأسباب جوهرية، أهمها فشل إدارة البلاد، تدهور الاقتصاد، انقطاع الكهرباء، تصاعد الطائفية، وتغوّل الجماعة على مفاصل الدولة. حركة "تمرد" جمعت توقيعات بالملايين لسحب الثقة من الرئيس آنذاك، في مؤشر على حجم الرفض الشعبي المتزايد.

ثالثاً: يوم الثورة.. مشهد الميادين الكبرى

في يوم 30 يونيو، اكتظت الميادين والشوارع بحشود غير مسبوقة من المصريين، خرجوا بمختلف أطيافهم، رافعين علم مصر ومطالبين برحيل النظام. ميادين التحرير، والاتحادية، والقائد إبراهيم، وسيدي جابر، وغيرها، كانت شاهدة على مشهد تاريخي يوثق أعظم مظاهرة في تاريخ مصر الحديث، وسط أجواء سلمية هادرة.

رابعاً: دور الجيش المصري في حماية الشعب

أعلنت القوات المسلحة في الأول من يوليو مهلة 48 ساعة للاستجابة لمطالب الشعب، وفي 3 يوليو، خرج بيان تاريخي أعلنه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع حينها، معلناً خارطة طريق جديدة بمشاركة رموز وطنية، لتبدأ مرحلة إنقاذ الدولة المصرية من الانهيار، استجابة للإرادة الشعبية، لا انقلاباً كما حاول البعض توصيفه.

خامساً: ردود الفعل المحلية والدولية

في الداخل، دعمت المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة) والقوى السياسية خطوات الجيش، بينما انقسمت المواقف الخارجية، حيث بعض الدول رحبت بالثورة كموجة تصحيحية، بينما انتقدت أطراف أخرى، متأثرة بالرؤية الغربية التي اختزلت المشهد في الشكل السياسي لا في جوهر الإرادة الشعبية.

سادساً: خارطة الطريق والمرحلة الانتقالية

تضمنت خارطة الطريق التي أعلنها الجيش تعطيل العمل بالدستور، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور بإدارة المرحلة الانتقالية، إلى جانب تعديل الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة، وهي الخطوات التي تمت بنجاح خلال أقل من عام.

سابعاً: التحديات الأمنية بعد الثورة

لم تكن الطريق ممهدة أمام ثورة 30 يونيو، إذ واجهت الدولة موجة من العنف والإرهاب المسلح، خاصة في سيناء، ومحاولات لتعطيل مسار الاستقرار. ومع ذلك، نجحت الدولة في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، واستعادة الأمن، وفرض هيبة القانون.

ثامناً: التحولات السياسية والدستورية

توجت ثورة 30 يونيو بانتخابات رئاسية أسفرت عن فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتم إصدار دستور جديد عام 2014 تضمن ضمانات واسعة للحريات والحقوق، كما أعاد هيكلة مؤسسات الدولة وفرض سيادة القانون.

تاسعاً: ثمار الثورة بعد مرور سنوات

رغم التحديات الاقتصادية، إلا أن ثورة 30 يونيو مهّدت لإطلاق مشروعات قومية كبرى، وبناء بنية تحتية قوية، ومحاربة الفساد، وتعزيز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا. كما أعادت تعريف العلاقة بين الشعب والدولة على أساس الشراكة والمساءلة.

عاشراً: دروس الثورة واستحقاقات المستقبل

تُعد ثورة 30 يونيو درسًا تاريخيًا في أهمية الوعي الوطني، ورفض الاستبداد، والتصدي لتسييس الدين. 

إنها ثورة شعب اختار أن يصحح مساره بيده، لتبقى حكاية 30 يونيو شاهدة على أن الشعب المصري لا يُهزم إذا اتحدت إرادته، وأن الدولة القوية لا تقوم إلا على قاعدة المشاركة الحقيقية، والوعي الجمعي، والاستقلال الوطني.

سامي حسني 

تم نسخ الرابط