ليس حب آل البيت أمرًا هامشيًّا في العقيدة، ولا مشاعر عابرة تتغير بتغير الأزمنة، بل هو ركنٌ راسخ من أركان الإيمان التي أمر بها الله.
وهي المودة التي فرضتها الشريعة الإسلامية، واحتضنها قلب كل مؤمنٍ صادق، يسير على هدي سيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويمضي على طريق نوره الذي لا ينطفئ.
لقد قال الله تعالى في محكم تنزيله: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، فجعل الله حبَّ آل البيت أجرَ الرسالة، ومفتاح القبول، ودليلاً على صدق الاتباع.
فهل يكتمل الإيمان بغير محبة من أحبهم النبي، وتوصى بهم مرارًا حتى لحظاته الأخيرة؟

إن حب آل البيت ليس شعورًا فحسب، بل عبادة قلبية تُرضي الله، وتقرّب من رسوله، وتطهّر النفوس من الجفاء والقسوة. أما عداوتهم، فهي جحودٌ ونكرانٌ للنعمة، وانقلابٌ على نور النبوة، وكفرٌ بيّنٌ لا يُبرره تأويل ولا يخففه تجاهل.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم: "أُذَكِّرُكم الله في أهل بيتي، أُذَكِّرُكم الله في أهل بيتي، أُذَكِّرُكم الله في أهل بيتي".
كلمات تتكرر ثلاثًا، وكأنها آخر وصية من نبي الرحمة لأمة طالما أحبها، واستودعها أمانة عظيمة: كتاب الله، وآل بيته الطاهرين.
ألم يقل رسول الله في خطبته الخالدة يوم عرفة وهو يخاطب الناس من فوق ناقته القَصواء: "إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي"؟ هذا ليس حديثًا يُروى، بل عهدٌ يُحمل، وأمانةٌ في أعناق الأمة حتى تقوم الساعة.
وها هو سيدنا أبو بكر الصديق، أول الخلفاء الراشدين، يعلنها مدوية: "والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب إليّ أن أصل من قرابتي".
ويقول أيضًا: "ارقبوا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيته".
لقد فهم الصديق معنى الوفاء، فجعل قرابة النبي أغلى من قرابته، وأعلى من دمه ونسبه، لأن حب النبي لا يكتمل إلا بحب من أحبهم النبي.
حب آل البيت عبادة قلبية
وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة تضيء لنا الطريق نحو هذا الحب النبوي الشريف: منها قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني".
وقوله: "أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي".
وهناك من الأحاديث ما تقشعر له الأبدان، كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار".
وحديثه الذي يحذّر فيه من ظلمهم أو إيذائهم: "حرّمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي".
إن هذه النصوص النبوية العظيمة ليست نصوصًا تراثية نقرأها في الكتب، بل هي شعلة نور تهدي الأمة إلى حقٍ ثابت لا يتغير: أن آل البيت مصابيح الهداية، وسفن النجاة، وحبهم هو حبل الإيمان الممدود بين الأرض والسماء.
وختامًا، أقولها بصدق الإيمان، وباليقين الذي لا يتزعزع، إن حب آل البيت عبادةٌ خالصة لله، وعداوتهم كفرٌ بيّن لا شك فيه، ومن أحبهم فقد أحب الله، ومن أبغضهم فقد خاصم الله ورسوله، وضل عن سواء السبيل.
فلنُجدد في قلوبنا العهد، ولنجعل حبهم منهجًا، وسيرتهم هديًا، ومكانتهم عقيدة لا تضعف، وولاءً لا يتبدل.
د. أماني الليثي
- حب آل البيت
- محبة أهل البيت
- آل بيت النبي
- مكانة آل البيت في الإسلام
- فضل أهل البيت
- حب الحسن والحسين
- حديث الثقلين
- المودة في القربى
- أحاديث عن آل البيت
- محبة آل البيت في السنة النبوية
- آل البيت عند الصحابة
- حب السيدة فاطمة الزهراء
- الإمام الحسين
- الإمام الحسن
- عقيدة حب آل البيت
- حب أهل البيت عند أهل السنة
- مكانة السيدة زينب
- مولد السيدة زينب
- الاحتفال بمولد السيدة زينب
- وصايا النبي لآل بيته
- السنة النبوية وآل البيت
- حب آل البيت عبادة
- مكانة أهل البيت
- عترة النبي
- آل البيت في القرآن