الثلاثاء 10 يونيو 2025
الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

مع تصاعد أزمة لوس أنجلوس، هل حان وقت انفصال كاليفورنيا عن أمريكا؟

مظاهرات لوس أنجلوس
مظاهرات لوس أنجلوس

منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عادت الأصوات في ولاية كاليفورنيا التي تنادي بالانفصال عن أمريكا، نظراً لأن الولاية أغلب سكانها من الديموقراطيين فضلًا عن وجود المهاجرين، الأمر الذي جعل ترامب يهاجم هذه الولاية في أكثر من مناسبة بما أنها ولاية ديموقراطية الانتماء.


ومع اشتعال المظاهرات و تزايد حالة العنف في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا غضبًا من حملات الاعتقال ضد المهاجرين والصراع بين الإدارة الأمريكية وحاكم الولاية وعمدة المدينة، عاد طرح السؤال هل جاء وقت انفصال ولاية كاليفورنيا عن أمريكا، رغم أنها عصب الاقتصاد الأمريكي.

قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا

انفصال ولاية كاليفورنيا عن أمريكا

وفي هذا الصدد قالت الدكتورة نيفين وهدان أستاذة العلوم السياسية، أن العلاقة بين الحكومة الفيدرالية الأمريكية وولاية كاليفورنيا تشهد توترًا مستمرًا يتجدد كلما تصاعد الخلاف حول سياسات الهجرة أو تدخلات واشنطن الأمنية، وقد بدت الأزمة في أوجها خلال موجة المظاهرات الأخيرة التي اجتاحت مدينة لوس أنجلوس عندما عبّر حاكم الولاية وعمدة المدينة عن رفضهما التام لإرسال الحرس الوطني، معتبرين القرار تجاوزًا صريحًا لصلاحيات الولاية وتعديًا على قواعد الفيدرالية الأمريكية.

وأكدت الدكتور نيفين وهدان في تصريح خاص لموقع الأيام المصرية، أن كاليفورنيا، بتاريخها وتوجهها السياسي والاجتماعي المختلف، لطالما كانت حالة استثنائية داخل الاتحاد الأمريكي، البعض يراها "دولة داخل الدولة"، بحكم حجمها الاقتصادي، وثقلها السكاني، واستقلالية قرارها، بل وتحدّيها العلني في أحيان كثيرة لسياسات المركز.

قمع الشرطة الأمريكية
اعتداءات الشرطة الأمريكية على المتظاهرين

وأضافت وهدان:" لقد مثّلت كاليفورنيا دائمًا صوتًا ليبراليًا حرًا، خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان، والتغير المناخي، وسياسات الهجرة، حتى إن رفضها التعاون مع إدارة ترامب في ملفات أمنية وهجرية اعتُبر موقفًا سياسيًا صريحًا أكثر منه مجرد اختلاف إداري".

وأشارت إلى أن المظاهرات الأخيرة لم تكن مجرد تعبير عن غضب جماهيري، بل كانت تعبيرًا عن واقع مأزوم تتفاعل فيه مشاعر الانفصال الرمزي مع ضغوط الواقع الدستوري. صحيح أن حكم المحكمة العليا في قضية "تكساس ضد وايت" عام 1869 أنهى قانونيًا فكرة الانفصال من طرف واحد، إلا أن تكرار الحديث عن Calexit كنسخة أمريكية من Brexit، وإن كان لا يتعدى كونه رد فعل انفعالي، إلا أنه يعكس اختلالًا في العقد السياسي الأمريكي، وحنينًا من بعض الولايات لقدرٍ أكبر من السيادة الداخلية.

مظاهرات لوس أنجلوس

وتابعت:"التساؤل الآن لا يدور فقط حول ما إذا كانت كاليفورنيا قادرة على الانفصال، بل حول مدى بقاء النظام الفيدرالي الأمريكي متماسكًا في ظل تصاعد هذه النزعة الاستقلالية، فالواقع يقول إن "سيناريو الانفصال" غير واقعي دستوريًا ولا سياسيًا، لكنه أيضًا لم يعد مجرد فانتازيا، بل أصبح ورقة ضغط رمزية تعبّر عن شعور متزايد بالتباعد بين بعض الولايات والحكومة الفيدرالية.

احتجاجات لوس انجلوس
الشرطة الأمريكية تشتبك مع المتظاهرين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا

وأكملت أن حكم الضرورة يفرض الآن إعادة النظر في علاقة المركز بالأطراف، فالمطلوب ليس فقط ضبط الشارع أو احتواء الغضب، بل تقديم نموذج فيدرالي مرن يستوعب التعدد والاختلاف، بدلًا من فرض القرارات المركزية وخلق بيئة عدائية تجاه الولايات المعارضة. لأن استمرار هذا النهج سيعني -ولو بشكل غير مباشر- دفع ولايات مثل كاليفورنيا إلى خيارات أقرب للانعزال السياسي أو التلويح بالاستقلال الرمزي، وهي خيارات تهدد وحدة الاتحاد، حتى وإن بقيت على الورق فقط.

واختتمت الدكتورة نيفين وهدان أستاذة العلوم السياسية قولها إنه في النهاية، تبقى كاليفورنيا مرآة لصراع أعمق يدور في قلب أمريكا بين الدولة المركزية الحديثة، والدولة المحلية التي تبحث عن ذاتها.

الدكتورة نيفين وهدان أستاذة العلوم السياسية
تم نسخ الرابط