محام بالنقض: رسوم التقاضي جعلته "لمن استطاع إليه سبيلا"، وسبب امتناعنا عن حضور الجلسات

محاكم الجنايات، قال المستشار علاء مصطفى، المحامي بالنقض والدستورية العليا، عن إعلان نقابة المحامين امتناع أعضاء الجمعية العمومية عن حضور الجلسات أمام جميع محاكم الجنايات على مستوى الجمهورية وهذا لمدة يومين متتاليين من الأحد 18 مايو وحتى الإثنين 19 مايو 2025.
سبب امتناع المحامين عن حضور الجلسات أمام محاكم الجنايات
وأوضح “مصطفى” خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "صباح البلد" أن السبب الرئيسي وراء هذا الامتناع هو الرسوم القضائية المرتفعة المفروضة على إجراءات التقاضي، مشيرًا إلى أن هذه الرسوم تستند إلى قانون رقم 90 لسنة 1944، والذي ينظم الرسوم القضائية في مصر، وجرى عليه تعديل في عام 2009 بموجب القانون 126 لسنة 2009، الذي نص على أن فرض أي رسوم إضافية على التقاضي يجب أن يكون عبر قانون صادر عن السلطة التشريعية.
وتابع: لكن ما يحدث خلال السنوات الأخيرة هو فرض رسوم جديدة تحت مسميات مثل الخدمات المميكنة، وذلك بقرارات إدارية صادرة عن رؤساء محاكم الاستئناف هو ما اعتبره مخالفًا للدستور والقانون، موضحًا أن تكاليف التقاضي أصبحت عبئًا على المتقاضين.

التقاضي في مصر أصبح كالحج لمن استطاع إليه سبيلًا
وأضاف: رفع دعوى قضائية أصبح مكلفًا جدًا، فمثلًا دعوى كانت رسومها 100 أو 200 جنيه أصبحت تصل إلى 2000 أو أكثر، وإذا أراد المحامي تقديم مذكرة دفاع مرفقة بـ 50 مستندًا، فإن كل مستند عليه رسم قدره 100 جنيه، أما في القضايا الجنائية حجم الورق يصل أحيانًا إلى 500 ورقة، ما يعني مصاريف قد تصل إلى آلاف الجنيهات، مؤكدًا أن هذا الوضع جعل التقاضي في مصر كالحج لمن استطاع إليه سبيلًا.
وقال المستشار إن الامتناع عن حضور الجلسات هو في صالح الموكلين أولًا، وليس فقط لحماية المهنة فمع استمرار ارتفاع الرسوم، لن يقبل المواطن على رفع دعاوى قضائية، لأن تكلفة الوصول إلى المحكمة صارت مرتفعة جدًا، مؤكدًا أن الدستور يضمن مجانية التقاضي كحق للمواطنين، والإجراءات الحالية تقيد هذا الحق بشكل فعلي.

وبين أن نقابة المحامين بدأت خطواتها بالامتناع عن الحضور كمرحلة أولى، ثم اعتصامات قانونية داخل المحاكم، وقد تتطور الأمور في حال عدم الاستجابة إلى خطوات تصعيد قانونية أكبر، مشيرًا إلى أن هناك أحكامًا من المحكمة الإدارية العليا ألغت بعض قرارات فرض الرسوم حيث قالت المحكمة "الرسوم القضائية مساهمة من المتقاضي في نفقات مرفق العدالة، ولا يجوز فرضها إلا بقانون صادر عن السلطة المختصة فلا رسم بدون قانون".
مخاوف من تحويل الرسوم إلى عبء دائم دون تشريع
وأوضح المستشار ردًا على التساؤل حول إمكانية صدور قانون لتقنين الزيادة أن القانون لا بد أن يصدر وفق إجراءات دستورية سليمة، عبر مجلس النواب وبعد مناقشات مجتمعية، ورؤساء محاكم الاستئناف لا يملكون صلاحية فرض رسوم بقرارات منفردة دون العودة للنقابة أو البرلمان، ويمكن للمحكمة الدستورية العليا إلغاء أي قرار يخالف الدستور إذا طعن فيه.
وتحدث المستشار علاء مصطفى عن معاناة المحامين أيضًا في التعامل مع الجهات الحكومية، مثل مكاتب التأمينات، والجوازات، إذ تطلب هذه الجهات توكيلًا خاصًا لكل إجراء رغم أن التوكيل العام يفترض أن يكفي، وطالب بوجود نظام موحد لتوكيلات المحامين مع الجهات الرسمية، لتسهيل الإجراءات.
هل تعطل العمل في المحاكم بسبب الامتناع؟
وأشار إلى أنه لم تحدث تعطيلات كبيرة، ولكن بعض الدوائر أجلت الجلسات تضامنًا مع المحامين، وظهرت مواجهات بين الموكلين والمحامين، بسبب عدم حضور الجلسات، وأصدرت بعض الدوائر أحكامًا بالبراءة في غياب المحامين، مما يطرح علامات استفهام حول جدية الإجراءات.

واختتم المستشار مداخلته بالتأكيد أن النقابة توجهت برسالة إلى رئاسة الجمهورية، تطالب فيها بتدخل عاجل من الرئيس أو رئيس مجلس الوزراء، والفصل في النزاع بين نقابة المحامين ووزارة العدل، ووقف القرارات الانفرادية لرؤساء المحاكم، مؤكدًا أن التنسيق بين السلطات ضروري، وأنه لا يجوز أن تفرض رسوم على إجراءات التقاضي بدون نقاش مع النقابة، لأن المحاماة جزء أصيل من منظومة العدالة.
وأكد المستشار أن المهنة تواجه ضغوطًا متعددة، من رسوم مرهقة إلى إجراءات إدارية معقدة، وأن الأثر الأكبر يقع على المواطن البسيط، لا المحامي فقط، مختتمًا حديثه: نتمنى أن تتدخل القيادة السياسية لحل الأزمة، لأن مصالح كثيرة قد تتعطل إن استمرت الأوضاع كما هي.