الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

ما دوافع موافقة الهند وباكستان على وقف إطلاق النار بعد وقت قصير؟

الهند وباكستان
الهند وباكستان

قال الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية، إن الولايات المتحدة نجحت في إبرام اتفاق وقف لإطلاق نار بين الهند وباكستان بتدخل مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، بعد أن وصلت الأمور إلي حافة الهوية وبلغ التصعيد أقصي مدى

وأشار الدكتور محمد عثمان عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن الحسابات الهندية كانت تهدف لتنفيذ عمل تصعيدي محسوب يمنح حكومة رئيس الوزراء مودي انتصار إعلامي وسياسي منخفض التكلفة يعزز شعبية حزبه الحاكم ويصرف الانظار عن الفشل الأمني والاستخبراتي الذي أسفر عن هجمات كشمير الإرهابية.

وأضاف عثمان أن الرهان كان على تراجع باكستان تحت وطأة ضربات هندية، وتسليمها بشروط نيودلهي التي كانت ستتضمن علي الأرجح مراجعة لاتفاقية مياه نهر السند التي علقتها الهند، وتراجع باكستان عن دعم الجماعات المسلحة التي تنفذ عمليات إرهابية داخل الشطر الهندي لكشمير، وأن الهند كانت تعتقد أن واشنطن في إطار تصاعد التوتر بينها وبين الصين ستدعم بهدوء أو على الأقل لن تعيق هذا التصعيد المحدود والمحكوم، الذي كان من المفترض أن يخرج بنتائج تؤدي لانكسار باكستان حليف الصين الأكبر في جنوب أسيا.

وقف الحرب بين الهند وباكستان

د. محمد عثمان: باكستان استطاعت مواجهة التصعيد الهندي بالمثل

وتابع الباحث أن باكستان واجهت التصعيد الهندي بتصعيد مضاد، فعندما علقت الهند اتفاقية مياه السند، علقت باكستان اتفاقية سملا لعام 1972 الخاصة بـ وقف إطلاق النار بين البلدين، وعندما بدأت الهند ضربات جوية وصاروخية في العمق الباكستاني، ردت باكستان باشعال الاشتباكات على طول خط الحدود، ومن ثم شنت ضربات صاروخية على العمق الهندي، لتصبح الأمور على شفى حرب شاملة غير محمود عقباها.

وأردف :"الهند لا تريد وحرب شاملة وكذلك باكستان والولايات المتحدة والصين وكافة الأطراف المعنية، وزاد التخوف الهندي من الدخول في حرب مفتوحة مع باكستان بعض إثبات الجيش الباكستاني قدرته علي مقارعة الضربات الهندية والرد عليها بالمثل، بل تفوقت القوات الجوية ومنظومات الدفاع الجوي الباكستاني من تسليح صيني علي القوات الجوية الهندية وتمكمنت من إسقاط عدد من طائرتها الحديثة فرنسية وروسية الصنع مما تسبب في احراج كبير لنيودلهي.

وأكمل أنه بات واضحًا أيضا أن تفوق الهند في العدد والعدة على باكستان لن يمنحها سيادة مطلقة علي أرض المعركة بعدما انكشفت إشكاليات عملياتية في الأداء الميداني للجيش الهندي والتي هزت صورته أمام الرأي العام الداخلي والمجتمع الدولي.

وقف الحرب بين الهند وباكستان

سبب وقف الحرب بين الهند وباكستان بشكل سريع

لفت الدكتور محمد عثمان إلى أن الهند لا تريد حرب شاملة خاصة بعدما ظهرت أوجه قسور شديد عسكريًا، أي أن  الحرب لن تكون نزهة وباكستان سترد بشدة وتحدث بها خسائر كبيرة، والولايات المتحدة التي تميل نحو الهند أدركت أن الوضع قد يخرج عن السيطرة ويؤدي الي حرب واسعة النطاق تهدد قدرات الهند الاقتصادية التي تعول عليها واشنطن لجذب رأس المال الصناعي من الأسواق الصينية، وأيضا السلاح الصيني الحديث المستخدم من جانب الجيش الباكستاني، لا سيما القوات الجوية اثبت فاعلية شديدة بل وتفوق علي منظومات تسليح غربية وروسية بحوزة الجيش الهندي، وسيعزز هذا من وضعية الصين في سوق السلاح العالمي الذي تنافس فيه الولايات المتحدة بقوة، وهو ما لن تسمح به واشنطن.

أما باكستان فهي تعلم أن حرب شاملة بينها وبين الهند ستتغلب فيها الهند عليها عاجلا أم اجلا نظراً لتفوقها الكلي عسكريا واقتصاديا، وأيضا الاقتصاد الباكستاني المأزوم لا يحتمل حرب شاملة لمدة طويلة، والصين حليف باكستان الأول لا ترغب في اشتعال حدوده الجنوبية، وتري بكين أن حرب علي باكستان ستهدد استثماراتها الهائلة هناك، لاسيما المشاريع التي تخدم مبادرة الحزام والطريق  مما قد يؤدي الي انجرارها للصراع، فضلًا عن تحسن العلاقات الهندية الصينية مؤخرا وتراجع حدة التوتر بينهم والصين تريد الحفاظ علي هذا الهدوء في العلاقات.

وأضاف الباحث أن جميع الأطراف تعلم أن حرب شاملة بين الهند وباكستان قد يؤدي إلى صدام نووي بينهما سيشكل تهديد وجودي للاستقرار البيئي للكوكب، حيث يمتلك البلدان نحو 400 رأس نووي.

واختتم الدكتور محمد عثمان الباحث في العلاقات الدولية أن تلك الأسباب تدخلت الولايات المتحدة لاحتواء التصعيد بعد أن كاد يخرج عن السيطرة والصين دعمت مسار التهدئة أيضا مما أدي الي خفض حدة التصعيد والتوترات، ولكن تظل الأسباب الجذرية للتوتر الهندي الباكستاني قائمة، وقد تشتعل الأمور مرة أخرى في حال ارتأت القوي العظمي ضرورة فتح جبهة جديدة للصراع بالوكالة بينهم تغنيهم عن الصدام المباشر ومخاطرة الوجودية

تم نسخ الرابط