مدن المستقبل تبدأ من هنا، كيف تدعم مصر استراتيجية "العمران الأخضر"؟

قال الدكتور محمد راشد، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، إن العمران الأخضر يمثل أحد الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مصر، ويعكس توجه الدولة نحو بناء مدن صحية وذكية، توفر بيئة صديقة للمواطن وتقلل الانبعاثات الكربونية، في إطار رؤية مصر 2030 واستراتيجيتها للبيئة والإسكان.
ما هو العمران الأخضر؟
وأضاف “راشد” في تصريحات إعلامية، أن مصطلح "العمران الأخضر" لا يقتصر على إنشاء مبانٍ جديدة أو توسعات عمرانية فقط، بل يشمل إنشاء مدن ذكية تعتمد على معايير الاستدامة وكفاءة استهلاك الموارد الطبيعية.

وأوضح أنه يختلف عن العمران التقليدي الذي يقاس بعدد الوحدات السكنية أو الطرق التي تم تنفيذها، إذ يُقاس نجاح العمران الأخضر من خلال جودة الحياة، وتقليل التلوث، وزيادة المساحات الخضراء، وتدوير المياه، وخفض استهلاك الطاقة.
محمد راشد: كل جنيه في "العمران الأخضر" يخلق فرص عمل ويحسن البيئة
وأشار الدكتور محمد راشد إلى أن كل جنيه يستثمر في العمران الأخضر يحقق ليس فقط تحسنًا بيئيًا، بل مردودًا اقتصاديًا ضخمًا من خلال خلق فرص عمل جديدة، ورفع كفاءة الموارد، وتقليل استيراد مواد البناء أو الطاقة، كما أن هذا التوجه يفتح الباب أمام الاستثمار في السندات الخضراء واستقطاب التمويلات الدولية، خاصة مع توجه الدولة نحو الطاقة المتجددة بنسبة 42% من إجمالي الكهرباء بحلول عام 2030.
العمران الأخضر مقابل العمران التقليدي
قارن راشد بين العمران الأخضر والعمران التقليدي، موضحًا أن الأخير يستهلك الأراضي الزراعية والمياه بشكل مفرط، ويعتمد على الوقود الأحفوري مثل السولار والبنزين، مما يرفع من نسب التلوث، بينما يسعى العمران الأخضر إلى إعادة تدوير المياه، واستغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتوفير وسائل نقل جماعي كهربائية تقلل من استخدام السيارات الخاصة والانبعاثات الكربونية.
وأضاف أن المباني حول العالم مسؤولة عن نحو 40% من استهلاك الطاقة و36% من الانبعاثات الكربونية، حسب الاتحاد الأوروبي، مما يجعل البناء المستدام ضرورة ملحة.
الدكتور محمد راشد يستشهد بمدينة كوبنهاجن كنموذج ناجح للعمران الأخضر
استشهد راشد بمدينة كوبنهاجن كنموذج ناجح للعمران الأخضر، حيث نجحت في خفض استهلاك الطاقة بنسبة 50% في المباني الجديدة، وسجلت انخفاضًا كبيرًا في الانبعاثات بحلول عام 2025، موضحًا أن مصر بدأت تسير على هذا النهج من خلال التخطيط لمدن ذكية ومستدامة مثل العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها.

دعم استراتيجية مصر للمناخ والتنمية
أكد راشد أن التوسع في العمران الأخضر يتماشى مع التزامات مصر البيئية، خاصة عقب استضافتها لمؤتمر المناخ COP27، وهو ما يعزز من مكانتها الدولية في ملف الاستدامة، مشيرًا إلى أن الاستراتيجية الوطنية تتكامل مع أهداف رؤية مصر 2030، التي تركز على الاقتصاد، المجتمع، والبيئة.
كما أوضح أهمية إشراك القطاع الخاص والاستشاريين العقاريين في تصميم مبانٍ تراعي كفاءة الطاقة، واستخدام مواد بناء صديقة للبيئة، مع تطبيق المعايير البيئية في الزجاج والعزل الحراري، وزيادة المساحات الخضراء على المباني، رغم زيادة التكلفة بنسبة 7 إلى 10%، إلا أنها تُوفر ما يصل إلى 30% من استهلاك الطاقة على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا: رسوم تنازل تصل إلى 1000 جنيه للمتر تثير الجدل، وغرفة التطوير توضح الموقف
هل ستنخفض أسعار الشقق بعد تطبيق قانون الإيجار القديم؟،"التطوير العقاري" تفاجئ الجميع|خاص
إعادة تدوير المياه والمواد.. خطوة أساسية
واختتم الدكتور محمد راشد تصريحاته بالتأكيد على أهمية إعادة تدوير المياه لاستخدامها في الري والزراعة باستخدام تقنيات حديثة مثل الري بالتنقيط والرش الذكي، الذي يعتمد على استشعار حاجة التربة الحقيقية للمياه، مما يقلل من الهدر ويزيد من كفاءة الإنتاج الزراعي.
كما أشار إلى أهمية تدوير النفايات الصلبة، والكمامات، والمواد البلاستيكية، ما يُسهم في تقليل الانبعاثات وتحقيق الاستدامة البيئية.