"وثيقة القاهرة"، أول ميثاق شرعي وأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى عالميًا

أعلنت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال الجلسة الختامية لمؤتمر دار الإفتاء المصرية بعنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، عن إطلاق "وثيقة القاهرة حول الذكاء الاصطناعي والإفتاء"، كأول ميثاق شرعي وأخلاقي شامل ينظم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إصدار الفتاوى.
ميثاق عالمي يوازن بين التقنية والقيم الدينية
أكد الدكتور محمود عبد الرحمن، عضو المكتب الفني لمفتي الجمهورية، أن الوثيقة ثمرة دراسات موسعة ونقاشات معمقة، وتهدف إلى أن تكون المرجع الأكثر شمولًا وعمقًا في مجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الإفتاء.
وأوضح أن الوثيقة تمزج بين المبادئ الأخلاقية العالمية مثل العدالة والشفافية والمساءلة، والمبادئ الشرعية الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية واجتهادات الفقهاء عبر العصور، لضمان إصدار فتاوى رشيدة في البيئة الرقمية المعاصرة.
أهداف وثيقة القاهرة للذكاء الاصطناعي والإفتاء
تسعى الوثيقة إلى ضبط استخدامات الذكاء الاصطناعي في الإفتاء وفق ضوابط شرعية وأخلاقية واضحة ،وتأصيل منهجية اجتهادية معاصرة تساعد المفتي على استثمار التقنية في جمع الأدلة وتنظيم الأقوال، وكذلك الحفاظ على الدور المحوري للمفتي البشري ومنع الاعتماد الكلي على الأنظمة التوليدية في إصدار الأحكام.
والعمل على مكافحة الفتاوى العشوائية والمضللة المنتشرة عبر المنصات الرقمية، وتعزيز التعاون الدولي بين دور الإفتاء وإنشاء منصات معرفية مشتركة.

مبادئ الميثاق الشرعية والأخلاقية
اشتملت الوثيقة على مجموعة من المبادئ، أبرزها:
- مبدأ عدم الإضرار المستند إلى القاعدة الفقهية "لا ضرر ولا ضرار".
- مبدأ العدالة والإنصاف وعدم التمييز.
- مبدأ الشفافية في آليات عمل الأنظمة الذكية.
- مبدأ المسؤولية والمساءلة بوجود رقابة بشرية دائمة.
- مبدأ حماية الخصوصية للمستفتين والمفتيين.
- مبدأ الاستدامة الذي يراعي الجوانب البيئية والثقافية.
- مبدأ الرقابة البشرية لضمان بقاء القرار النهائي في يد المفتي.
الاستخدام المسموح للتقنيات الذكية في الفتوى
أوضحت الوثيقة أنه لا تعارض بين استخدام الذكاء الاصطناعي والعمل بالمنهجية الاجتهادية الأصيلة، مع السماح بالاستعانة بهذه التقنيات في:
- جمع النصوص الشرعية.
- تصنيف الفتاوى.
- التحليل المقارن.
- معالجة اللغة.
- استشراف الواقع
- شريطة أن تظل الفتوى النهائية صادرة عن مفتي مؤهل.
التصدي للمخاطر والتحديات
حذرت الوثيقة من مخاطر الفتاوى الزائفة والتزييف العميق للشخصيات الدينية، واستغلال الجماعات المتطرفة لهذه الأدوات في بث أفكار متشددة، ودعت إلى إنشاء فرق رصد إلكتروني داخل دور الإفتاء، والتنسيق مع وسائل الإعلام ومنصات التقنية لمواجهة هذه الظواهر، مع توعية الجمهور بمخاطر الاعتماد على أنظمة غير معتمدة.
محمود عبدالرحمن من القاهرة إلى العالم
اختتم الدكتور محمود عبد الرحمن بالتأكيد على أن "وثيقة القاهرة" تمثل ميثاقا تاريخيًا ينطلق من قلب القاهرة، حيث الأزهر الشريف، ليكون دليلًا عالميًا للمفتي الرشيد الذي يجمع بين رسوخ العلم الشرعي واستيعاب أدوات العصر الرقمية، متمنيًا أن يسهم هذا الميثاق في خدمة الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء.