
منذ السابع من أكتوبر 2023، يخوض الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة شاملة ضد قطاع غزة، حرب لم تكتفِ بإزهاق الأرواح وتدمير المدن، بل امتدت لتقوض أسس الاقتصاد الإسرائيلي نفسه، وتكشف عجز قيادته السياسية عن إدارة الأزمات التي صنعتها بيدها.
رغم أن الولايات المتحدة، الحليف الأكبر، تفتح خزائنها لدعم تل أبيب بلا حدود كما أعلن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت خلال لقائه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش فإن الأرقام تكشف عن نزيف مالي هائل، وخسائر تتجاوز حدود الميدان إلى كل ركن من أركان الحياة داخل الكيان المحتل.

تضخم العجز وتآكل النمو في دولة الاحتلال الإسرائيلي
في عام 2024، بلغ العجز المالي المعلن 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي، أي نحو 136 مليار شيكل (36.1 مليار دولار) لكن التحليلات المستقلة تكشف أن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك، يصل إلى 7.2%، أي حوالي 142 مليار شيكل (37.7 مليار دولار).
هذا العجز ليس سوى مؤشر على خلل أعمق، فمحافظ بنك إسرائيل أمير يارون يحذر من أن استمرار الحرب ستة أشهر إضافية في 2025 سيقلص النمو الاقتصادي بنصف نقطة مئوية ويرفع الدين العام من 69% إلى 71% من الناتج المحلي.
تكاليف المعيشة ترتفع بوتيرة خانقة، والنمو يتباطأ، و250 ألف إسرائيلي تم إجلاؤهم من الجنوب والشمال، 40% منهم لم يعودوا حتى الآن، يقيمون في 438 فندقًا ومنشأة إخلاء، بتكلفة 1.8 مليار دولار دفعتها الوزارات الحكومية من أموال دافعي الضرائب.
حرب تستنزف مليارات يوميًا من موازنة الكيان الصهيوني
وزير الخزانة الإسرائيلي اعترف بأن التكلفة اليومية للحرب تصل إلى 246 مليون دولار، لتصل الفاتورة الإجمالية حتى نهاية 2024 إلى نحو 67.57 مليار دولار، وفق صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية العبرية.
ويُتوقع أن تمتد الخسائر على مدى العقد القادم إلى 400 مليار دولار، معظمها خسائر غير مباشرة نتيجة انخفاض الاستثمارات، وتعطل الأسواق، وانهيار إنتاجية العمالة. هذه أرقام تُظهر أن الحرب لم تعد مجرد معركة عسكرية، بل قنبلة موقوتة داخل قلب الاقتصاد الإسرائيلي.

السياحة الإسرائيلية انهيار بنسبة 70%
منذ اندلاع الحرب، انخفضت السياحة الوافدة إلى إسرائيل بأكثر من 70%، ما تسبب في خسائر قدرها 3.4 مليار دولار، وعزل تل أبيب عن العالم مع توقف معظم شركات الطيران الدولية عن تسيير رحلاتها إليها.
هذا الانكماش ضرب البنية التحتية للقطاع: نحو 60 ألف منشأة سياحية أغلقت أبوابها في 2024، فيما فقد القطاع ثلثي قوته العاملة، وهو نزيف وظيفي يعكس عمق الأزمة.
حصاد الفشل في الحرب على غزة
تسعى إسرائيل إلى تصوير نفسها كقوة لا تقهر، لكن لغة الأرقام تكذب الدعاية. الحرب على غزة، التي كان يُفترض أن تحقق "ردعًا" أو "أمنًا" للاحتلال، أهدرت مليارات الدولارات، ودمّرت قطاعات اقتصادية رئيسية، وأضعفت قدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود.
إنها ليست مجرد خسائر مالية، بل دليل على أن الاحتلال، مهما تلقى من دعم خارجي، يبقى عاجزًا عن مواجهة تداعيات مغامراته العسكرية والنتيجة أن إسرائيل اليوم تواجه عزلة دولية، واقتصادًا يترنح، وشعبًا يعيش تحت وطأة الخوف والغضب، بينما تظل غزه رغم الجراح عنوانًا لصمود يحرج القوة الغاشمة ويكشف زيف أساطيرها.