إغلاق مضيق هرمز.. هل تجرؤ إيران على فعلها

مع تصاعد التوترات في أعقاب الضربات الإسرائيلية على إيران ورد إيران عليها عاد الحديث مجددًا حول هل يصبح إغلاق مضيق هرمز أحد ردود إيران على الضربات الإسرائيلية، إذ يعد مضيق هرمز أحد أهم الشرايين الحيوية لنقل النفط في العالم.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية يوم السبت عن إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني أن إغلاق المضيق قيد الدراسة، مضيفًا أن طهران ستتخذ القرار المناسب بحزم.

أهمية مضيق هرمز الجيوسياسية
يقع مضيق هرمز بين سلطنة عمان وإيران، ويمثل ممرًا استراتيجيًا يربط الخليج العربي بخليج عمان وبحر العرب، ويعد من أهم الممرات البحرية لنقل النفط في العالم، إذ يتم نقل ما يقارب 90% من صادرات نفط الخليج العربي عبر هذا المضيق، أي ما يعادل نحو 20 مليون برميل نفط يوميًا في عام 2022، بالإضافة إلى 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال عالميًا.
تحذيرات من الإغلاق.. تهور غير محسوب؟
ووفق شبكة CNBC يرى مراقبون أن إغلاق المضيق أمر غير مرجح من الناحية العملية، وأشارت الخبيرة إيلين والد، رئيسة شركة «ترانسفيرسال» للاستشارات، إلى أن الصين قد تضغط اقتصاديًا على إيران لمنعها من إغلاق المضيق، كونها تعتمد بشكل كبير على واردات النفط المستقرة وبأسعار معقولة.
أما الدكتور أنس الحجي، خبير اقتصاديات الطاقة، فحذر من أن أصدقاء إيران سيعانون أكثر من أعدائها، مؤكدًا أن إغلاق المضيق قد يكون كارثة لإيران نفسها، نظرًا لاعتمادها على هذا الطريق في استيراد معظم السلع اليومية.

التحديات التقنية والعملية لإغلاق المضيق
من الناحية الجغرافية فإن جزءً كبيرًا من مضيق هرمز يقع ضمن المياه الإقليمية لعمان، ما يعني أن السيطرة الإيرانية عليه محدودة، وتشير الدراسات إلى أن عرض المضيق ومسارات الشحن المتعددة تجعله صعب الإغلاق فعليًا، كما يمكن للناقلات استخدام مسارات بديلة عبر الإمارات وعمان.
يقول البروفسور بول سوليفان: "لن تخنق إيران اقتصادها بإغلاق المضيق، هذا ببساطة غير منطقي"، فيما تعتبر آمنة بكر، رئيسة قسم الشرق الأوسط في كبلر، أن السيناريو غير مستبعد كليًا، لكنه يظل خيارًا متطرفًا.
مخاوف عالمية من ارتفاع أسعار النفط
وتخشى الأسواق العالمية من أن أي تحرك جاد لإغلاق مضيق هرمز قد يتسبب في ارتفاع كبير بأسعار النفط، ما سيؤثر على الاقتصاد العالمي، ويؤدي إلى اضطرابات في سلاسل الإمداد، ويزيد من الضغوط التضخمية، خاصة على الدول التي تعتمد على النفط المستورد.
وعلى الرغم من تجدد التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، إلا أن الواقع الجيوسياسي والاقتصادي يجعل من تنفيذ هذا الخيار أمرًا بالغ الصعوبة، فمثل هذا التصرف سيؤدي إلى إضرار المصالح الإيرانية نفسها، خصوصًا في ظل اعتمادها على التجارة البحرية وعلاقاتها الاقتصادية المتينة مع الصين، القوة العظمى التي لن ترضى بتعطيل إمدادات الطاقة أو ارتفاع أسعارها.
ورغم أن المنطقة تعيش مرحلة حرجة من التوترات غير المسبوقة، إلا أن الخيارات المطروحة أمام طهران ستظل محكومة بالعقلانية الاقتصادية والدبلوماسية الدولية أكثر من التصعيد العسكري الأعمى.

إغلاق مضيق هرمز.. تهديدات سابقة لم تنفذ
وفي وقت سابق هددت إيران عدة مرات بإغلاق المضيق في الماضي، أبرزها عام 2018 عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وكذلك في عامي 2011 و2012، لكن لم يتم تنفيذ هذه التهديدات، ويعزو المحللون ذلك إلى التكاليف الباهظة التي قد تتحملها إيران نفسها جراء مثل هذا التصرف.
شهدت الصادرات النفطية من الخليج العربي إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي انخفاضًا كبيرًا من عام 2001 لـ 2021، إذ انخفضت صادرات النفط إلى الولايات المتحدة بنسبة 72%، وانخفضت إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 37%، بينما ارتفعت صادرات النفط إلى الصين بنسبة 800%، لتبلغ قرابة 5.8 مليون برميل يوميًا.
لتصبح الصين اليوم هي أكبر مستورد عالمي للنفط الخام، وتستورد أكثر من 30% من صادرات نفط الخليج العربي، كما تمثل ما يزيد عن ثلاثة أرباع صادرات إيران النفطية، ما يجعلها لاعبًا أساسيًا في معادلة أمن الطاقة في المنطقة.

الصين وإيران شراكة تجارية متنامية
وفي عام 2022 تجاوز حجم التجارة بين دول الخليج والصين 385 مليار دولار، مقارنة بـ 219 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي و95 مليار دولار مع الولايات المتحدة، ما يعكس تحولًا جذريًا في التحالفات الاقتصادية، كما بلغ عجز الصين التجاري في الوقود المعدني 470 مليار دولار، ما يزيد من حساسيتها تجاه أي اضطراب في إمدادات النفط.