موقف الدروز من الاحتلال وسر الهجوم الإسرائيلي على سوريا لحماية الأقلية الدينية (تقرير)

أفادت التقارير، أن الاحتلال الإسرائيلي شن أعنف قصف لها هذا العام على سوريا، بين ليلة الجمعة وصباح السبت، بعد ساعات من إدانة حكام البلاد لغارة جوية قرب القصر الرئاسي ووصفها بأنها "تصعيد خطير"، بعد أن أكد رجال دين وفصائل مسلحة من الأقلية الدرزية ولائهم لدمشق.

أدان النظام السوري، يوم الجمعة، الضربة الجوية بالقرب من القصر الرئاسي، ووصفوها بأنها "تصعيد خطير"، في حين أفادت تقارير بأن إسرائيل شنت أعنف غاراتها هذا العام على البلاد.

وقال الاحتلال الإسرائيلي إن الضربة على دمشق كانت "رسالة واضحة" للحكومة بعدم إلحاق الأذى بالأقلية الدرزية، وذلك في أعقاب الاشتباكات الطائفية الأخيرة.

وبعد ساعات، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أكثر من 20 غارة على أهداف عسكرية في أنحاء سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

جاءت الضربات بعد أن أكد رجال دين دروز وفصائل مسلحة ولائهم لدمشق، وحثّوا السلطات الجديدة على تعيين مسؤولين محليين في مناصب حكومية بمحافظة السويداء، معقل الطائفة الدرزية.

وجاء بيانهم في أعقاب معارك بين مقاتلين دروز وقوات سورية، بما في ذلك جماعات تابعة للحكومة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص في جرمانا وصحنايا قرب دمشق وفي السويداء، بحسب المرصد.

عبر الدروز السوريون إلى مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل لأول مرة منذ 50 عامًا، و تنتشر الجاليات الدرزية في إسرائيل ولبنان وسوريا، حيث تعيش أغلبها في المناطق الجبلية، ويُعتبر كل منها مخلصًا للبلد الذي يعيش فيه.

وهذه هي المرة الأولى منذ خمسة عقود التي يعبر فيها زعماء الدروز من سوريا إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، لزيارة المواقع الدينية والمجتمعات الدرزية هنا.

تم إنشاء المنطقة العازلة التي عبروها في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا بعد حرب عام 1973، عندما احتلت إسرائيل - وضمت لاحقًا - الأراضي السورية في مرتفعات الجولان.

وفي ديسمبر الماضي، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد، نقلت إسرائيل قواتها إلى المنطقة العازلة، في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يحظر وجود أي قوات أو معدات عسكرية من أي من الجانبين.

الاحتلال الإسرائيلي يقيم تسعة مواقع عسكرية في المنطقة العازلة مع سوريا

أقام الاحتلال الإسرائيلي تسعة مواقع عسكرية في المنطقة، بما في ذلك على الجانب السوري من جبل الشيخ، أعلى قمة في المنطقة، وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن قواته "تستعد للبقاء في سوريا لأجل غير مسمى".

كما نفذ الاحتلال الإسرائيلي توغلات متكررة في جنوب سوريا، حتى مسافة 15 كيلومترًا خارج المنطقة العازلة، وفقًا لمراسلين عسكريين إسرائيليين، وحذرت من أنها ستتحرك ضد أي قوات حكومية سورية أو جماعات مسلحة أخرى، تدخل المحافظات السورية جنوب دمشق.

كاتس: القوات الجوية قصفت 40 هدفًا جنوب سوريا في ليلة واحدة

وقال كاتس هذا الأسبوع، إن القوات الجوية الإسرائيلية قصفت 40 هدفًا في جنوب سوريا في ليلة واحدة، وهو جزء مما تقول إسرائيل إنه حملة قصف لتدمير مخازن الأسلحة والمعدات العسكرية التي تخشى أن تقع في أيدي أعدائها.

وتعد المحافظات الجنوبية في سوريا، التي تمتد على طول الحدود مع إسرائيل، موطنا للعديد من الدروز السوريين، العرب الذين يمارسون أحد أشكال الإسلام الشيعي، الذين يمتد مجتمعهم عبر سوريا وإسرائيل ولبنان.

كان الدروز في سوريا يراقبون على مدى الأشهر الثلاثة الماضية تحركات القوات الإسرائيلية داخل وخارج قراهم، ويعد امتثالها أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف إسرائيل الأمنية، حيث وجدت إسرائيل مبررًا لحمايتها.

نتنياهو وكاتس: إذا أذى النظام السوري الدروز فسوف يتعرضون للأذى

وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وكاتس تعليمات وفي وقت سابق، وبعد الاشتباكات في جرمانا، جنوب دمشق،  لقوات الدفاع الإسرائيلية بالاستعداد للدفاع عن المجتمع الدرزي هناك، و"توجيه رسالة تحذير حادة وواضحة: إذا أذى النظام الدروز، فسوف يتعرضون للأذى".

وجاء في البيان "نحن ملزمون تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل ببذل كل ما في وسعنا لمنع إلحاق الأذى بإخوانهم الدروز في سوريا، وسنتخذ كل الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامتهم"، ووصف البيان الحكومة السورية الجديدة بأنها "نظام إرهابي من الإسلام المتطرف".

يشكل الدروز الإسرائيليون 26% من سكان إسرائيل غير اليهود، ولا يُشكّلون سوى أقل من 2% من السكان، إلا أن الدروز في إسرائيل ساهموا مساهمة كبيرة في بناء دولة الاحتلال اليهودية.

من هى الطائفة الدرزية؟

على الرغم من أنهم يعتبرون أنفسهم عربًا ويتحدثون اللغة العربية كلغة أم، فإن المجتمع الدرزي يختلف دينيًا وثقافيًا عن الأقلية العربية الأكبر في إسرائيل.

يعود تاريخ الطائفة الدرزية إلى القرن العاشر عندما انفصلت عن الطائفة الإسماعيلية (الشيعة) في مصر، تعتبر الديانة الدرزية تفسيرًا جديدًا للأديان الإبراهيمية الثلاثة، وهي تمزج بين الإسلام والفلسفة اليونانية وجوانب من الهندوسية. 

منذ عام 1050، كان المجتمع الدرزي مغلقًا أمام المتحولين، وكان المجتمع الدرزي يعتمد على نفسه من خلال الزواج داخل المجتمع، لا يملكون مواقع مقدسة، لديهم مواقع ذات أهمية دينية وثقافية، ليس للدروز طقوس دينية ثابتة، ولا أعياد، ولا طقوس دينية. 

عدد الدروز داخل إسرائيل

في إسرائيل، يتراوح عدد الدروز بين 120 و 150 ألفًا، "ثالث أكبر جالية درزية في العالم بعد سوريا ولبنان"، ويعيش معظم الدروز الإسرائيليين في قرى يسكنها الدروز فقط، في قرى الكرمل والجليل شمال إسرائيل، ويركا، وبيت جن، وعسفيا.

عهد الدم: الدروز في الجيش الإسرائيلي

وكما ذكرنا آنفاً، فإن أول أفراد المجتمع الدرزي الذين حملوا السلاح لصالح إسرائيل فعلوا ذلك في عام 1948، كمتطوعين في جيش الدفاع الإسرائيلي الناشئ. 

بعد حرب الاستقلال، استمر دروز إسرائيل في التطوع للخدمة العسكرية حتى عام 1956، عندما أصدر البرلمان الإسرائيلي قانونًا يفرض تجنيد الذكور فقط ولا يتم تجنيد الإناث من المجتمع الدرزي، حيث تم فرض التجنيد الإلزامي بناء على طلب الزعماء الدروز، ومنذ عام 1956، يعتبر الجنود الدروز واليهود في جيش الدفاع الإسرائيلي مرتبطين ببعضهم البعض بـ "عهد الدم".

استطلاع رأي 2018: نسبة الدروز المجندين في جيش الاحتلال 86%

وفقًا لاستطلاع رأي أُجري عام 2016، أفادت التقارير أن 60% من الرجال الدروز الإسرائيليين خدموا في جيش الدفاع الإسرائيلي، مقارنةً بـ 75% من الرجال اليهود الإسرائيليين. 

ووفقًا لبيان صادر عن الكنيست عام 2018، فإن نسبة الرجال الدروز، الذين يتم تجنيدهم في جيش الدفاع الإسرائيلي بلغت نسبتهم 86% أعلى من نسبة الرجال اليهود الذين يتم تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي. 

تم تعيين أول دبلوماسي درزي إسرائيلي في عام 2012، وخصص الكنيست يومًا رسميًا للاعتراف بإنجازات المجتمع الدرزي في عام 2018، وتم انتخاب أول عضو برلماني درزية في عام 2019 قبل تعيينها في عام 2021 كأول مبعوثة درزية للوكالة اليهودية.

ارتفعت نسبة القبول بين الطلاب الدروز من 53.5% إلى 82.5% في عشر سنوات، مما يجعلها أعلى من المتوسط ​​الوطني وكذلك أعلى من معدل القبول بين الطلاب اليهود.

الكنيست يسمح لـ الدروز الحصول على الجنسية الإسرائيلية 1981 

بعد حرب الأيام الستة عام 1976، سيطرت إسرائيل على مرتفعات الجولان من سوريا، بما في ذلك سكانها، شمل ذلك أربع تجمعات درزية، أكبرها مجدل شمس.

منذ عام 1967، لم يتمكن معظم دروز مرتفعات الجولان من لقاء عائلاتهم في سوريا، وقبل انتشار الإنترنت ووسائل الاتصالات الحديثة، كان الدروز الذين يرغبون في التواصل مع عائلاتهم عبر الحدود. 

في عام 1981، سنّ الكنيست تشريعًا بتطبيق القانون المدني الإسرائيلي ليشمل مرتفعات الجولان، مما أتاح الفرصة لسكان المنطقة، التقدم بطلب للحصول على الجنسية الإسرائيلية.