الفاتيكان.. «المدينة الدولة» التي حكم منها البابا فرنسيس مليار شخص

بعد وفاة البابا فرنسيس اتجهت الأنظار نحو دولة الفاتيكان، هذه الدولة التي لا يتعدى حجمها 44 هكتارًا فقط، أي بمعدل 121 فدانًا، لكنها تتمتع بثقل ديني وسياسي يفوق حجمه بأضعاف، وفي هذا الصدد يرصد موقع الأيام المصرية خلال السطور التالية أبرز المعلومات عن دولة الفاتيكان.
من اللحظة التي تطأ فيها قدميك ساحة القديس بطرس، تدرك أنك دخلت عالمًا مختلفًا، حيث لا توجد حدود بالمعنى التقليدي، لكن الأسوار القديمة والمداخل الثلاثة المفتوحة تذكرك بأنك لم تعد في روما، مدينة الفاتيكان ليست مجرد مقر البابا، بل هي دولة مستقلة بموجب معاهدة لاتران الموقعة عام 1929 بين الزعيم الفاشي موسوليني والكرسي الرسولي، ومنذ ذلك الحين، والبابا يمارس سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية داخل هذه المساحة الصغيرة، المحاطة كليًا بالعاصمة الإيطالية.

ماذا يحدث بعد وفاة البابا فرنسيس؟
تدخل وفاة البابا فرنسيس الفاتيكان في واحدة من أكثر اللحظات حساسية وصرامة، وهي مرحلة الكرسي الشاغر، ويتم تعليق جميع الاجتماعات الرسمية وتبدأ إجراءات انتخاب البابا الجديد، ويدير المرحلة مجمع الكرادلة، وهم من يطلق عليهم أمراء الكنيسة، وتبدأ الاستعدادات لانعقاد الكونكلاف، في قاعة السيستين ذات الرسومات الخلابة لمايكل أنجلو، حيث يتم اختيار البابا الجديد بسرية تامة، حتى يصعد الدخان الأبيض إيذانًا بانتخاب بابا جديد.
الفاتيكان نظام غامض وسكان لا يتجاوزون 800 شخص
لا يتجاوز عدد سكان الفاتيكان 800 شخص، معظمهم من الكهنة، الراهبات، الحرس السويسري، وبعض الموظفين الإداريين، مما يجعلها الدولة الأقل سكانًا في العالم، ولا يوجد مواطنون بالمعنى المدني، بل هم أشخاص يحصلون على الجنسية الفاتيكانية فقط أثناء عملهم بها، والأغرب أنه لا يوجد ضرائب، ولا انتخابات، ولا جيش باستثناء الحرس السويسري الذي يرتدي زيًا من عصر النهضة ويقوم بحماية البابا منذ 1506.
وتعتمد الفاتيكان في اقتصادها على تبرعات الكاثوليك المعروفة باسم "بيترز بنس"، وعائدات السياحة، وبيع الطوابع والعملات والمطبوعات، والاستثمارات المالية، وليس لها مصدر دخل تقليدي مثل باقي الدول، ورغم ذلك تكبدت خسائر كبيرة خلال جائحة كورونا، حيث انخفضت المداخيل بنسبة 30%، واضطر الكرسي الرسولي إلى تغطية العجز من الاحتياطيات.

ثروة فنية ودينية لا تقدر بثمن
توجد ثروة فنية وروحية بين كاتدرائية القديس بطرس والكنيسة السيستينية والمتاحف، تشكل أحد أهم أسباب زيارة الملايين للفاتيكان سنويًا، وتضم المدينة مخطوطات نادرة (أكثر من 150 ألف مخطوطة)، ومكتبة فريدة، ومطبعة تصدر صحفًا بـ 30 لغة ناهيك عن إذاعة الفاتيكان التي تبث بأكثر من 40 لغة ووحدة إعلامية خاصة تنقل الحدث للعالم أجمع.
وبذلك لا تقاس الفاتيكان بقوتها العسكرية أو الاقتصادية بل بتأثيرها الروحي، إذ تمثل القيادة الروحية لأكثر من 1.3 مليار كاثوليكي حول العالم، ينتشرون في أمريكا اللاتينية، أوروبا، أفريقيا، وآسيا، وأكثر من 40% من الكاثوليك في العالم يعيشون في أمريكا اللاتينية، وخاصة في البرازيل، بينما تشهد أفريقيا وأجزاء من آسيا نموًا متزايدًا في عدد المؤمنين الكاثوليك.
تأثير جائحة كورونا على الفاتيكان
تحملت الفاتيكان خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة تراجع السياحة وإغلاق المتاحف والكاتدرائيات، وقدر العجز المالي بنحو 50 مليون يورو، واضطر الفاتيكان لاستخدام احتياطيه المالي لتغطية النفقات، ورغم الأزمة أكد البابا أنه لا يرغب في تسريح أي موظف.

الفاتيكان في انتظار البابا رقم 267
يفتح رحيل البابا فرنسيس البابا رقم 266 في تاريخ الكنيسة الباب أمام مرحلة جديدة، حيث يتأهب العالم لاختيار البابا رقم 267، وكل بابا يحمل معه تغييرات في اتجاه الكنيسة ومواقفها من قضايا اجتماعية كبرى، مثل المثلية، الفقر، الهجرة، والسياسة الدولية، وفي ظل تعقيدات العالم الحديث، تبقى أعين العالم شاخصة نحو قبة كاتدرائية القديس بطرس، منتظرة ذلك الدخان الأبيض الذي يعلن عن بداية عهد جديد.