"شم النسيم".. احتفال مصري وليس له أصول مخالفة للإسلام

يعتبر عيد شم النسيم أحد أقدم الأعياد التي عرفها التاريخ، وتعود أصوله إلى عام 2700 قبل الميلاد في مصر القديمة، وقد ارتبط هذا العيد ببداية فصل الربيع والانقلاب الربيعي، حيث كان المصريون القدماء يحددون موعده في يوم 25 من شهر "برمهات" ضمن التقويم المصري القديم، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار.
احتفل المصريون بهذا اليوم بطقوس فريدة تعكس ارتباطهم العميق بالطبيعة وعناصرها، حيث كانوا يتجمعون أمام الهرم الأكبر في الجيزة عند شروق الشمس لمراقبة لحظة الغروب، والتي كانت تمثل لديهم رمزًا لتجدد الحياة وبداية الخلق، وكانوا يرون في هذا المشهد تمثيلًا لرحلة الإله "رع" عبر السماء في سفينته المقدسة، وهو معتقد موثق على جدران المعابد الفرعونية.

شم النسيم.. احتفال مصري لا يرتبط بالأديان
يرى الباحثون في الآثار المصرية، أن شم النسيم هو عيد مصري صرف لا ينتمي لأي دين سماوي، وأن الاحتفال بهذا العيد سابق على الأديان السماوية جميعها، ويعكس رؤية المصريين القدماء للكون وبداية الحياة.
وأوضحوا أن الربط بين شم النسيم وبعض الأعياد الدينية مثل عيد الفصح اليهودي وعيد القيامة المجيد لدى المسيحيين، ليس إلا نتيجة تزامن زمني لا أكثر، فقد كان عيد الفصح اليهودي يقع في نفس توقيت شم النسيم تقريبًا، ثم جاء المسيحيون وربطوا بين عيد القيامة والفصح، ومن ثم صار شم النسيم يحتفل به في اليوم التالي لعيد القيامة في مصر حتى يومنا هذا.

رموز وطقوس.. من البيض إلى الفسيخ
عرف شم النسيم بطقوس وعادات متوارثة ما زالت حاضرة حتى اليوم، منها تلوين البيض، وتناول أطعمة بعينها مثل "الفسيخ" و"الملوحة" والبصل الأخضر والخس، وكلها رموز ارتبطت بالحياة والخصوبة عند قدماء المصريين.
فكان البيض يرمز إلى الخلق، والبصل لطرد الأرواح الشريرة، والخس للخصوبة والصحة، وتحول هذا التراث إلى جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية المصرية، حيث تخرج العائلات إلى الحدائق والمتنزهات للاحتفال بالطبيعة والربيع، في تجسيد حي لاحتفال يمتد عبر آلاف السنين.
شم النسيم عيد وطني بطابع شعبي
لا يصنف شم النسيم كعيد ديني، بالرغم من ذلك إلا أنه يعتبر يوم عطلة رسمية في مصر، ويحتفل به المسلمون والمسيحيون على السواء، مما يجعله من الأعياد الوطنية الجامعة ذات الطابع الشعبي، التي تعبر عن الهوية المصرية.
ويمثل شم النسيم اليوم أكثر من مجرد تقليد موسمي، بل هو شاهد حي على قدرة التراث المصري على الاستمرار والتأقلم، وعلى عمق الحضارة المصرية التي قدمت للعالم مفاهيم عن الطبيعة والخلق والاحتفال بالحياة.