اللواء صالح المعايطة: الخطة الأمريكية لوقف الحرب بنيت على المبادرة المصرية

الخميس 09/أكتوبر/2025 - 10:37 م

أكد اللواء صالح المعايطة أن الدور المصري في إدارة ملف الحرب على غزة يعتبر نموذجًا فريدًا يجب تدريسه في الجامعات والمعاهد، ليس فقط في مصر بل على مستوى العالم، موضحًا أن التحركات المصرية لم تقتصر على جهود الوساطة أو وقف إطلاق النار، بل تجاوزت ذلك لتصبح جزءً من صياغة المشهد الإقليمي برمته.

وأضاف أن عبارة "لا حرب بدون مصر" التي كانت تردد في العقود الماضية، تحوّلت اليوم إلى "لا سلام دون مصر"، في إشارة إلى المكانة المحورية التي أصبحت القاهرة تحتلها في أي مسار يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو بترتيبات الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.

أوضح صالح المعايطة أن مصر باتت تمثل مركز ثقل استراتيجي، بفضل امتلاكها أدوات التأثير والإقناع، إلى جانب ما لديها من قوة عسكرية معتبرة وخبرة دبلوماسية طويلة، جعلتها مؤهلة للعب دور صانع القرار لا مجرد ناقل للرسائل أو وسيط تقليدي.

اقرأ أيضًا:

باحثة: زيارة ترامب لمصر لها دلالات سياسية واضحة تؤكد المكانة الإقليمية للقاهرة

ترامب: الإفراج عن الأسرى مطلع الأسبوع المقبل وتوقيع اتفاق غزة في مصر

الرئيس السيسي: ترامب يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده في وقف حرب غزة

الرئيس السيسي يستقبل المبعوث الخاص الأمريكي للشرق الأوسط لبحث تنفيذ خطة ترامب

وفي حديثه عن الموقف الأمريكي من الحرب على غزة، أشار المعايطة إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتوزع على مستويين، الأول استراتيجي وثابت ويقوم على اعتبار أمن إسرائيل جزءً لا يتجزأ من الأمن القومي الأمريكي، وهو موقف راسخ لدى جميع الإدارات الأمريكية، أما المستوى الثاني فهو تكتيكي ومرتبط بالمصالح الإقليمية المتغيرة للولايات المتحدة، وقد تظهر فيه تباينات وخلافات ظرفية.

ونوّه إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبعد اجتماعات جمعته مع عدد من القادة العرب والمسلمين، غير موقفه من الحرب، بعد أن سمع بشكل مباشر تبعاتها الإنسانية والسياسية، وهو ما دفعه لتوجيه رسالة واضحة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دعا فيها إلى ضرورة وقف الحرب من أجل التمهيد لسلام أوسع في المنطقة.

وأشار اللواء صالح المعايطة إلى أن الإدارة الأمريكية لا تُولي اهتمامًا كبيرًا بالتفاصيل الفلسطينية الداخلية، بل تركز بشكل أكبر على مصالحها الإقليمية، خاصة في ما يتعلق بعلاقاتها الاستراتيجية مع دول مثل: مصر والسعودية والإمارات، والتي ترى فيها بوابات الاستقرار الإقليمي.

وتحدث المعايطة عن تفاصيل الخطة التي طرحها ترامب والتي حظيت بقبول إقليمي ودولي، موضحًا أنها تضمنت 21 بندًا، وجرى تقسيمها إلى 3 مراحل.

وركزت المرحلة الأولى على وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وتسليم قوائم المختطفين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

وأوضح اللواء صالح المعايطة أن هذه المرحلة بنيت على التزام متبادل ومتزامن بين الأطراف، بحيث لا يتم تسليم أي مختطف ما لم تتوقف الحرب، وهو ما يشير إلى تنسيق دقيق في آليات التنفيذ.

وشدد صالح المعايطة على أن مصر لم تكن تتحرك فقط في الإطار السياسي، بل عملت على مسارين متوازيين، تمثّلا في الاستعداد العسكري الكامل تحسبًا لأي تطورات ميدانية، والتحرك الدبلوماسي النشط في المحافل الإقليمية والدولية.

وأضاف أن التحركات المصرية سواء في شرم الشيخ أو في الأمم المتحدة، عكست وجود إرادة سياسية فاعلة وإدارة محنّكة للملف الفلسطيني، مؤكدًا أن عناصر القوة الوطنية المصرية كانت حاضرة في جميع مراحل إدارة الأزمة، مشيرًا إلى أن قوة الدولة لا تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل تشمل كذلك القوة الاقتصادية، والحنكة الدبلوماسية، والخبرة التاريخية في إدارة الصراعات.

وفي هذا السياق، استعاد المعايطة واحدة من أشهر العبارات التي قالها وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي ديان: "إذا فكّرت مصر في عبور قناة السويس، فهي تقدم على الانتحار"، ليعلق عليها بقوله: “لكن مصر لم تقدم على الانتحار، بل أقدمت على الانتصار”، في إشارة إلى حرب أكتوبر 1973 التي ما زالت تُدرّس في كبرى الأكاديميات العسكرية حول العالم.

واختتم المعايطة حديثه بالتأكيد على أن مصر تمكنت من تحقيق معادلة متوازنة في إدارتها للملف الفلسطيني، جمعت بين النجاح السياسي والدبلوماسي، إلى جانب امتلاكها قدرة ردع عسكرية تفرض حضورها في أي تسوية قادمة.

وخلص إلى أن القاهرة لم تعد مجرد بوابة للحرب أو السلام، بل أصبحت الضامن الحقيقي للاستقرار في الشرق الأوسط، وصاحبة الكلمة المرجحة في أي حل مستقبلي للصراع في المنطقة.