تقرير أممي يكشف فساداً جذرياً في جنوب السودان، مليارات الدولارات تُهدر وشعب يعاني الجوع

تقرير صادم للأمم المتحدة نُشر اليوم الثلاثاء، اتهمت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة سلطات جنوب السودان بمستويات غير مسبوقة من الفساد تُفضي إلى تفشي الفقر والجوع بين سكان الدولة.
التقرير يكشف عن تحويل مليارات الدولارات، من عائدات النفط وغيرها من الموارد العامة، إلى حسابات وشركات مرتبطة بنائب الرئيس، بنجامين بول ميل، مقابل مشاريع طرق لم تُنجَز أو تم تنفيذها جزئيًا وبمواصفات أدنى من المعايير.
ومع أن البلاد تحفل بثروات طبيعية، فإن الظروف المعيشية لسكانها آخذة في التدهور، حتى بات متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لا يتجاوز ربع ما كان عليه عند الاستقلال عام 2011.
هذا التقرير لا يُعد مجرد وثيقة اتهام، بل صرخة استغاثة تدعو المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حاسم.
مبالغ ضخمة تُدفع لمشاريع وهمية في جنوب السودان
بحسب التقرير، دفعت حكومة جنوب السودان بين 2021 و2024 ما يقارب 1.7 مليار دولار لشركات مرتبطة ببول ميل لتنفيذ أعمال إنشاء طرق، إلا أن تلك الطرق لم تُنجَز مطلقاً أو لم تُنجَز بالشكل المُتفق عليه.
هذا ضمن ما سُمّي بـبرنامج النفط مقابل الطرق الذي قدر مجموع ما صرف فيه حوالي 2.2 مليار دولار خلال تلك الفترة، أي ما يقارب 60% من إجمالي المدفوعات الحكومية في بعض السنوات.
أولويات الإنفاق: الرعاية الخاصة تفوق الصحة العامة
الإنفاق الرئاسي لا سيما على الوحدة الطبية الخاصة برئيس الدولة تجاوز بكثير ما تم تخصيصه التراكمي للرعاية الصحية العامة في البلاد.
حكومة تعتمد على عائدات النفط تُمضي هذه المخصصات الضخمة دون أن تحقق نتائج ملموسة في الصحة والتعليم والأمن الغذائي.
انخفاض مستوى المعيشة وزيادة الجوع في جنوب السودان
تُعد هذه الفجوة في الإنفاق وغيرها من أشكال التهرب المالي السبب في أن ما يقرب من ثلثي سكان جنوب السودان، من بين 12 مليون نسمة تقريبًا، يعيشون مستويات حرجة من الجوع أو ما هو أسوأ.
التقرير يربط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ليس فقط بالحروب والصراعات الداخلية، بل بالفساد المنهجي واستغلال الموارد لصالح نخبة ضيقة.
رد الحكومة: اتهامات برؤية مختلة وأرقام مختلفة
ردت الحكومة الجنوب سودانية، ممثلة في وزير العدل جوزيف قنْق، على التقرير عبر مكاتبة رسمية، بالرغم من أنه لم يُنشر بعد الرد كاملًا.
القنق وصف التقرير بأنه اعتمد على أرقام لا تتطابق مع بيانات الحكومة، وأشار إلى أن المشكلات الاقتصادية تُعزى أساسًا إلى الصراع المسلّح، تغيّر المناخ، وانخفاض صادرات النفط الخام، وليس إلى الفساد وحده.
فيما لم يُدلِ بول ميل بتصريح عام حتى الآن تعقيبًا على الاتهامات المُوجهة له.
الفساد أساس التراجع الاقتصادي والأزمة الإنسانية
تقول اللجنة الأممية إن ما يُميّز جنوب السودان اليوم هو أن الفساد ليس فقط عنصرًا ثانويًا في الأزمة، بل العامل الأساسي الذي يُعقّد كل شيء آخر من القدرة على تقديم الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم إلى الاستقرار السياسي والأمني.
التقرير استند إلى 173 اجتماعًا ومقابلة خلال الفترة من أواخر 2022 إلى 2024، بالإضافة إلى مستندات حكومية وبيانات مالية تثبت عدم تنفيذ معظم المشاريع الممولة.
عقوبات دولية معروفة ولافتات تحذيرية
سبق أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بول ميل وشركات مرتبطة به منذ حوالي 2017 و2021، بناءً على مزاعم تحيّز الحكومة للشركات التابعة له ومنحه امتيازات غير مبررة، وقيام تلك الشركات بأعمال طرق دون رقابة أو إنجاز كافٍ.
البعض يرى أن هذه العقوبات لم تكن كافية لوقف نهب الثروات وتحقيق المساءلة الحقيقية.
ضرورة محاسبة جريئة وتغييرات جذرية
إن ما ورد في تقرير الأمم المتحدة ليس مجرد تشخيص اقتصادي أو إنساني فحسب، بل دعوة لاستيقاظ دولي ومحلي.
جنوب السودان بحاجة إلى مراجعة شاملة لبرامج الإنفاق العام والمحافظة على الشفافية في العقود والمناقصات، تطبيق حقيقي وفاعل لمكافحة الفساد والمساءلة القضائية لكل من تورط في نهب أموال الدولة، دعم الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه، لتخفيف المعاناة المعيشية للمواطنين، بالإضافة إلى تدخل دولي، ربما عبر مؤسسات مثل محكمة العدل الدولية، لضمان مساءلة القادة الذين يستفيدون من استغلال السلطة.
اقرأ أيضًا:
غزة تحت النار، إسرائيل تبدأ الهجوم البري الكامل و40% من السكان يفرون
إذا لم يحدث ذلك، ستبقى جنوب السودان، رغم ثرواتها الطبيعية، صورةً مُرّةً لدولة غارقة في الفساد، ينهبها قلة وتحيا على أطلال الوعود، وشعبٌ يدفع الثمن.
تابع موقع الأيام المصرية عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
- تابع موقع الأيام المصرية عبر تطبيق (فيسبوك) اضغط هــــــــــنا
- تابع موقع الأيام المصرية عبر تطبيق (تويتر) اضغط هــــــــنا
موقع الأيام المصرية، يهتم موقعنا بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، ونقدم لكم خدمة ومتابعة شاملة ومجموعة كبيرة من الأخبار داخل الأقسام التالية، أخبار، رياضة، فن، خارجي، اقتصاد، الأيام TV، حوادث، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، أخبار مصر، سعر اليورو، سعر العملات ، جميع الدوريات.