الأضخم في التاريخ، قراءة في العرض العسكري الصيني ورسائل بكين النووية (فيديو)

“نهضة الصين لا يمكن إيقافها”، هكذا تحدث الرئيس الصيني شي جين بينج في عرض عسكري هو الأضخم في التاريخ بميدان تيانانمن ببكين، إحياءً لذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، ما عده البعض رسالة مبطنة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خصوصًا مع حضور العرض ألد أعداء الولايات المتحدة، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
تمثل العروض العسكرية الصينية الضخمة مزيجًا معقدًا من السياسة الداخلية والخارجية، واستعراض القوة العسكرية، وحتى الثقافة، حيث يتداخل فيها كل من "السياسة والمطبخ والسلاح" بطرق مختلفة.
1. السلاح: استعراض للقوة التكنولوجية
العروض العسكرية الصينية هي قبل كل شيء منصة لعرض أحدث ما وصلت إليه البلاد في مجال التكنولوجيا العسكرية. فقد شهدت هذه العروض تطورًا كبيرًا من استعراض أسلحة قديمة إلى الكشف عن أحدث الأسلحة عالية التقنية، مثل:
الصواريخ الباليستية: بما في ذلك الصواريخ العابرة للقارات، والتي تهدف إلى إظهار قدرة الصين على الردع الاستراتيجي.
الطائرات المسيرة: تعرض الصين أنواعًا متقدمة من الطائرات المسيرة لأغراض مختلفة، سواء للقتال أو الاستطلاع.
الطائرات الشبحية: مثل مقاتلة J-20، التي تعتبر منافسًا للطائرات الأمريكية الحديثة.
أسلحة جديدة: في بعض الأحيان، يتم الكشف عن أسلحة سرية أو قيد التطوير للمرة الأولى، مثل أنظمة الدفاع الجوي بالليزر أو الغواصات الآلية.
تهدف الصين من خلال هذا الاستعراض إلى إرسال رسالة واضحة للعالم بأنها قوة عسكرية كبرى، قادرة على حماية مصالحها ومنافسة القوى العظمى الأخرى، وخاصة الولايات المتحدة.
2. السياسة: رسائل داخلية وخارجية
العروض العسكرية ليست مجرد استعراض عسكري، بل هي أداة سياسية بامتياز.
الرسالة الداخلية: تهدف العروض إلى إثارة الفخر الوطني وتوحيد الشعب الصيني حول الحزب الشيوعي، وإظهار قدرة الحزب على حماية البلاد وتأمين مستقبلها. كما أنها تعيد صياغة السرد التاريخي، مؤكدة على دور الحزب في تحقيق النصر على اليابان في الحرب العالمية الثانية.
الرسالة الخارجية: ترسل العروض إشارات واضحة إلى الخصوم والحلفاء. بالنسبة للخصوم مثل الولايات المتحدة واليابان، فإنها بمثابة تحذير من قوة الصين المتنامية. أما بالنسبة للحلفاء، فإنها تُظهر أن بكين قوة يُمكن الاعتماد عليها في مواجهة "الأحادية القطبية" الغربية. وقد يكون حضور قادة بارزين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون رسالة رمزية تعبر عن تحالفات الصين الاستراتيجية.
3. المطبخ: جانب ثقافي ورمزي
على الرغم من أن "المطبخ" قد لا يكون جزءًا مباشرًا من العرض العسكري نفسه، إلا أنه يمثل جانبًا ثقافيًا مهمًا في الفعاليات الرسمية الصينية. فكما هو الحال في أي مناسبة رسمية كبرى، يتم إعداد الولائم والمآدب الفاخرة للقادة والضيوف الأجانب. يعكس هذا الجانب من الضيافة الصينية قوة "الدبلوماسية الناعمة" للبلاد، حيث يتم استخدام الطعام كأداة لبناء العلاقات وتوطيد الصداقات في الكواليس، بعيدًا عن الاستعراضات العسكرية الصارمة.
باختصار، يمثل العرض العسكري الصيني الضخم أكثر من مجرد مسيرة جنود ودبابات. إنه حدث سياسي متعدد الأبعاد، يجمع بين استعراض القوة العسكرية، وإرسال رسائل سياسية معقدة، واستخدام الدبلوماسية الثقافية لتعزيز مكانة الصين كقوة عالمية صاعدة.
تضمن العرض استعراضًا لـ "الثالوث النووي" الصيني (صواريخ نووية تُطلق من البر والبحر والجو)، بالإضافة إلى العديد من الأسلحة المتقدمة الأخرى، أبرزها:
1. الصواريخ الباليستية
صاروخ DF-61: صاروخ باليستي عابر للقارات جديد، يُعتقد أنه الأكثر تقدمًا في ترسانة الصين بعد صاروخ DF-41.
صاروخ DF-26D: يُعرف بلقب "قاتل غوام"، وهو صاروخ باليستي مضاد للسفن مصمم لاستهداف حاملات الطائرات الأمريكية وقواعدها البحرية.
صاروخ YJ-17: نسخة بحرية جديدة من الصاروخ DF-17، مصمم للإطلاق من السفن الحربية، ويتميز بسرعته وقدرته على المناورة لتفادي أنظمة الدفاع الصاروخي.
صواريخ JL-3: صواريخ باليستية عابرة للقارات تُطلق من الغواصات النووية، مما يعزز قدرة الردع النووي البحري للصين.
2. الطائرات والمسيّرات
طائرات شبحية ومقاتلات J-20S: عرضت الصين مقاتلاتها الشبحية من طراز J-20S، والتي تعد من أبرز الطائرات القتالية في سلاح الجو الصيني.
طائرات مسيّرة: كشفت الصين عن أنواع جديدة من الطائرات المسيرة المزوّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المسيّرات القتالية والاستطلاعية و"الأجنحة المرافقة" غير المأهولة.
طائرات النقل العسكري: ظهرت طائرات النقل Y-20A ونسختها المطوّرة Y-20B، والتي تعتمد على محركات محلية الصنع.
3. الأسلحة البحرية غير المأهولة
مركبات تحت الماء غير مأهولة (UUVs): عرضت الصين أحدث مركباتها تحت الماء، مما يؤكد تركيزها على تطوير قدراتها البحرية في هذا المجال.
قوارب غير مأهولة: ظهرت قوارب حديثة بدون طيار لأغراض مختلفة، مثل المراقبة وزرع الألغام.
نظام زرع ألغام غير مأهول: نظام متقدم يتيح زرع الألغام البحرية بشكل آلي.
4. أسلحة وتقنيات أخرى
نظام دفاع جوي بالليزر: كشف الجيش الصيني عن "أقوى نظام دفاع جوي ليزري في العالم"، والذي يعتبر من أسلحة الطاقة الموجهة الحديثة.
الحرب الإلكترونية: شاركت في العرض وحدات متخصصة في الحرب الإلكترونية والدفاع السيبراني، مما يشير إلى توجه الصين لتعزيز قدراتها في مجالات القتال المستقبلي.
هذا العرض الضخم يؤكد التطور السريع للقوات المسلحة الصينية، ويعكس سعيها للتحول إلى قوة عسكرية عالمية حديثة ومتكاملة.
اقرأ أيضًا
الصراع بين أمريكا والصين يصل احتفالات النصر، تلميح واتهامات بتدبير مؤامرة