ماذا أضاف حسن الخطيب لوزارة الاستثمار؟، صفقات مٌعلنة لم تنجز بعد

رغم العناوين البراقة والتصريحات الرنانة التي يطلقها وزير الاستثمار حسن الخطيب، فإن الواقع يكشف صورة مغايرة تمامًا، فخلال فترة توليه الوزارة، بدا الرجل وكأنه بارع في التسويق الإعلامي أكثر من صناعة إنجازات ملموسة، تصريحات عن "صفقات كبرى" و"استثمارات تاريخية" تتوالى في وسائل الإعلام، لكن حين نغوص في التفاصيل نصطدم بحقيقة مُخيبة: صفقات مُعلنة بلا تنفيذ، ووعود بلا أثر على الأرض.
وعود تتبخر خلف العناوين الإعلامية
الوزير الخطيب لم يتوقف عن التباهي بصفقات وصفت بأنها الأضخم في تاريخ مصر، لكن سرعان ما تختفي تلك الوعود خلف عبارات محفوظة مثل: "المفاوضات لا تزال جارية" أو "لا نستطيع الإعلان الآن" أو "الصفقة قيد الإعداد" وهكذا، تظل الوعود مجرد فرقعة إعلامية، تزيد من حضور الوزير على منصات الأخبار ومحركات البحث، لكنها لا تضيف شيئًا يُذكر للاقتصاد المحلي أو لحياة المواطن.
من رأس الحكمة إلى مشروعات الخليج.. حبر على ورق
أبرز ما أعلن عنه في عهد الخطيب كان صفقة رأس الحكمة الإماراتية، التي وصفت بأنها أكبر صفقة استثمارية في تاريخ مصر بقيمة 35 مليار دولار، وتضمنت 24 مليار كاستثمارات مباشرة، إضافة إلى 11 مليار دولار ودائع إماراتية تحوَل لاحقًا إلى استثمارات.

ولكن رغم الضجة الإعلامية، ظل التنفيذ غامضًا دون جدول زمني واضح، فيما خرجت تصريحات لاحقة تؤكد أن الأموال لن تضخ دفعة واحدة بل على مراحل، ما أثار شكوكًا حول الأثر الحقيقي للصفقة.
مشروعات خليجية أخرى معلقة
- بوخمسين الكويتية: إعلان عن فندق جديد بتكلفة 125 مليون دولار.
- مجموعة علي الغانم: مشروع لإنتاج الأنسولين بالشراكة مع مستثمر أجنبي.
- السويدي إليكتريك: مصنع كابلات اتصالات باستثمار 2 مليار جنيه.
- منطقة قناة السويس الاقتصادية: الإعلان عن مشروع “نيو إنرجي جلاس” باستثمار صيني 300 مليون دولار.
ورغم هذه الإعلانات المتكررة، لم يلحظ المواطن أو السوق نتائج واضحة، فالمشروعات تبقى مجرد بيانات صحفية تُعلن في المؤتمرات الاقتصادية دون متابعة جدية أو رؤية تنفيذية.
الهيئة العامة للاستثمار، لغة الأرقام والنتائج
وفي المقابل، تبدو الهيئة العامة للاستثمار أكثر التزامًا بلغة الأرقام والحقائق، بعيدًا عن الوعود الفضفاضة، فقد سجلت مصر 9 مليارات دولار صافي استثمار أجنبي مباشر خلال النصف الأول من عام 2025، مع توقع بلوغ 10–11 مليار دولار بنهاية العام.
كما شهد العام المالي 2023–2024 تدفق استثمارات بقيمة 46.6 مليار دولار، كان من بينها صفقة رأس الحكمة، وإلى جانب ذلك، حققت مصر نموًا قياسيًا في صفقات الدمج والاستحواذ عام 2024، لتتصدر الشرق الأوسط بعدد 120 صفقة بزيادة 23.7%.

أبرز الصفقات المنجزة:
- استحواذ عربية للاستثمارات الفندقية على فنادق “ليجاسي” بقيمة 800 مليون دولار.
- استثمار 157.5 مليون دولار في شركة التكنولوجيا المالية MNT Halan.
- استحواذ B Investments على 90% من أوراسكوم المالية مقابل 49.3 مليون دولار.
هذه الأرقام توضح بجلاء أن النجاحات التي تُترجم إلى واقع هي ما تحققه الهيئة، لا ما يروّج له الوزير في بيانات متكررة.
فجوة بين الخطاب والواقع
حين نقارن بين خطاب الوزير حسن الخطيب الذي يغلب عليه الطابع الدعائي، وبين أرقام الهيئة العامة للاستثمار التي يمكن قياسها فعليًا، نجد فجوة واسعة، فالمواطن والمستثمر لا يعنيه حجم التصريحات، بل يتطلع إلى مشاريع تنفذ، وفرص عمل تخلق، واستثمارات تضخ سيولة جديدة في شرايين الاقتصاد.
ماذا أضاف الوزير؟
الإجابة تبدو صادمة: لم يضف الوزير سوى مزيد من الضبابية الإعلامية، فبينما تتحرك دول المنطقة بخطوات واثقة نحو جذب استثمارات حقيقية، تظل مصر أسيرة لأسلوب "الإعلان أولًا والتنفيذ لاحقًا" الذي ينهكه طول الانتظار ويضعف ثقة المستثمرين.
ولعل السؤال الأهم هنا: هل يمكن للاقتصاد المصري أن يتحمل المزيد من الوعود غير المنجزة؟ الإجابة عند حسن الخطيب نفسه، الذي لم يثبت بعد أنه قادر على تحويل العناوين العريضة إلى نتائج ملموسة.
التحدي المقبل والعمل على استعادة الثقة
لإعادة التوازن، تحتاج وزارة الاستثمار إلى ما هو أكثر من مؤتمرات إعلامية وتصريحات عن "صفقات القرن"، والمطلوب هو شفافية في جداول التنفيذ، متابعة دقيقة للمشروعات المعلنة، وتنسيق أوثق مع الهيئة العامة للاستثمار التي أثبتت قدرتها على تحقيق نتائج ملموسة.