دراسة بريطانية تكشف: العنف اللفظي أخطر من الضرب على الأبناء
يلجأ في بعض أحيان الآباء لاستخدام العنف اللفظي مع الأطفال أو حتى مع أبنائهم البالغين، قد لا يعي بعض الآباء خطورة استخدام العنف اللفظي في معاملاتهم مع الأبناء، والتي تتمثل في تغير كيمياء دماغ طفلك ويعرضه للخطر، وتترك ندوبًا أعمق من الأيدي.
وتشير الدراسات إلى أن هناك % من الأطفال معرضين للاضطرابات النفسية، وتعد جملة "أنت غبي - أنت بلا قيمة –أنت مزعج "، مدمرة تمامًا لصحة طفلك، فالباحثون يوضحون أن العنف اللفظي يقوّض مكاسب الحد من العنف الجسدي، ويترك ندوبًا نفسية خفية تلازمه العمر كله.. فكيف يترك الصوت أثرًا أعمق من العصا؟
العنف اللفظي في الطفولة يترك أثرًا نفسيًا طويل الأمد
قدمت دراسة حديثة نُشرت في مجلة BMJ Open (أغسطس 2025) أدلة صادمة إذ أوضحت أن العنف اللفظي في الطفولة يترك أثرًا نفسيًا طويل الأمد لا يقل عن العنف الجسدي، بل ربما يتجاوزه، إذ اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات أكثر من 20,600 شخص بالغ في إنجلترا وويلز، والنتائج كانت قاطعة.
الأشخاص الذين تعرضوا للعنف الجسدي في طفولتهم أكثر عرضة بنسبة 52% لمشاكل نفسية عند البلوغ
فالأشخاص الذين تعرضوا للعنف الجسدي في طفولتهم كانوا أكثر عرضة بنسبة 52% لمشاكل نفسية عند البلوغ، أما من تعرضوا للعنف اللفظي، فقد ارتفعت النسبة إلى 64%، فالأسوأ أن من تعرضوا لكلا النوعين معًا، تضاعفت احتمالات إصابتهم باضطرابات الصحة النفسية بمعدل يفوق الضعف (2.15 مرة).
وفي هذا الإطار، يقول البروفيسور مارك بيلس أستاذ الصحة العامة في جامعة ليفربول، أن النتائج تشير إلى أن العنف اللفظي في الطفولة يمكن أن يترك ندوبًا نفسية عميقة وطويلة الأمد، تمامًا مثل العنف الجسدي، وأن العنف اللفظي لا يعني فقط الشتائم، بل يشمل الصراخ المستمر، التهديد، الإذلال، أو التقليل من شأن الطفل.
وفي الأثناء، تقول الدكتورة شانتا ديوب أستاذة علم الأوبئة في جامعة وينجيت بالولايات المتحدة، الأطفال غالبًا ما يأخذون هذه العبارات على محمل الجد، ما يجعل أثرها النفسي طويل الأمد.
اقرأ أيضًا
ما هي أعراض التهاب الأذن الوسطى؟
دراسة: ألعاب الفيديو لها تأثير غير متوقع على معدل ذكاء الأطفال
دمية صينية تثير الرعب في أمريكا، تقتل الأطفال
ارتفاع نسب العنف اللفظي
المفارقة المقلقة أن العالم نجح في خفض نسب العنف الجسدي ضد الأطفال خلال العقود الأخيرة، بينما ارتفعت نسب العنف اللفظي، فبينما انخفضت حالات الضرب من نحو 20% بين مواليد الخمسينيات والسبعينيات، إلى أقل من 10% لمواليد الألفية، ارتفعت نسبة من تعرضوا للعنف اللفظي من 12% قبل 1950 إلى حوالي 20% بعد عام 2000.
ويشدد خبراء بريطانيين، بضرورة البعد عن العنف اللفظي، إذ أنه يغير كيمياء الدماغ لدى الأطفال ويجعلهم أكثر عرضة للقلق والاكتئاب في المستقبل، بل إن إحدى جلسات البرلمان البريطاني كشفت أن الصراخ المتكرر يمكن أن يغيّر بنية الدماغ المسؤولة عن الأمان العاطفي لدى الطفل.
ويسبب العنف اللفظي مشاكل الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب واضطرابات المزاج، وتدني مستوى الرفاهية النفسية، ويزيد من احتمالية تعاطي الكحول أو المخدرات، ويزيد من فرص أمراض القلب، وليس هذا فقط، وإنما صراعات الآباء أمام الأبناء تؤذي نفسيتهم وبالتالي سلوكهم.
كما يؤدي إلى ضعف جودة الحياة العامة وارتفاع معدلات الضيق النفسي حيث ارتبك التعرض للعنف الجسدي في الطفولة بزيادة احتمال المشاكل النفسية في الكبر بنسبة 50% بينما ارتبط التعرض للعنف اللفظي بزيادة هذه الاحتمالية بنسبة 60%، أي أن العنف اللفظي أكثر خطورة وتأثير على طفلك، فليست كل الندوب ترى، وليس كل غصة تنعكس علينا في الحال، وإنما تكبر بمرور السنين، حتى يتحول الشخص إلى آخر لا يعرف نفسه ولا يعرفه من حوله، فضلًا عن تغيرات في سلوك الطفل.
هذه الدراسة ناقوس خطر يجعل الآباء يقفوا أمام تربية الأطفال وقفة حقيقية، فالكلمات ليست عابرة، بل لها آثر في النفس، وإن لم تكن كذلك، ما كان لرسول الله أن يقل" فليقل خيرا أو ليصمت ".
