الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

الأسباب الحقيقية وراء تراجع سعر الدولار أمام الجنيه المصري في 2025

الدولار أمام الجنيه
الدولار أمام الجنيه

سبب تراجع الدولار أمام الجنيه المصري في الآونة الأخيرة، منذ مطلع العام الجاري 2025، أثار تساؤلات الكثير من المتابعين للشأن الاقتصادي في هذا السياق.

قدمت الدكتورة وفاء علي، أستاذ الاقتصاد، تحليلاً شاملًا ومفصلًا لأهم العوامل التي ساهمت في هذا التراجع للدولار وتحسن الجنيه، موضحة أن هذا التحسن لا يعود إلى عامل واحد فقط، بل إلى مجموعة من المؤثرات الدولية والمحلية التي تفاعلت معًا لتدفع السوق في اتجاه إيجابي.

أسباب تراجع سعر الدولار أمام الجنيه المصري

أوضحت الدكتورة وفاء أن العوامل الدولية لعبت دورًا محوريًا في خلق بيئة داعمة لتحسن الجنيه، خاصة التراجع النسبي لقيمة الدولار على المستوى العالمي. وجاء هذا التراجع نتيجة السياسات الحمائية التي تتبناها بعض الدول الكبرى، والمناورات الاقتصادية التي فرضت ضغوطًا على الأسواق، إلى جانب تمسك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعدم خفض أسعار الفائدة، وهو ما قلل من جاذبية الدولار عالميًا. هذا الانخفاض في سعر الدولار العالمي أدى بدوره إلى تدفقات مالية متزايدة نحو الأسواق الناشئة، ومنها السوق المصرية، وهو ما ساهم في تعزيز قوة الجنيه.

أما العوامل المحلية، فقد شكلت الأساس الحقيقي لتحسن الوضع النقدي، فرغم التحديات الكبيرة التي واجهها الاقتصاد المصري، خاصة انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 60% نتيجة للتوترات الجيوسياسية، فإن هناك مصادر دخل أخرى تمكنت من تعويض هذا التراجع. فقد شهدت البلاد تحسنًا كبيرًا في موارد النقد الأجنبي من قطاعات حيوية مثل السياحة، والصادرات، وتحويلات المصريين بالخارج، مما أدى إلى تدفق عملة صعبة بشكل منتظم ومستقر. كما أن البنك المركزي نجح في الحفاظ على استقرار الاحتياطي النقدي الأجنبي، والذي يُعد أحد أهم المؤشرات الدالة على متانة الاقتصاد وقدرته على مواجهة التقلبات.

أكدت الدكتورة وفاء على أهمية النهج الإصلاحي الذي تتبناه الدولة المصرية، والذي يقوم على الرؤية الاستباقية في التعامل مع الأزمات موضحة أن صانع القرار الاقتصادي بات يمتلك أدوات واضحة لإدارة الأزمات الاقتصادية، سواء من خلال التحكم في العرض والطلب على العملة الأجنبية، أو من خلال الاستخدام الرشيد للاحتياطيات الدولية، وقد انعكس هذا النهج على قدرة الدولة في تغطية الفجوة التمويلية، والتعامل مع الكلفة الاقتصادية للمرحلة القادمة، فضلًا عن تعزيز قدرة المؤسسات المالية على مواجهة الصدمات الخارجية.

كما تناولت الدكتورة وفاء مؤشرات حيوية تؤكد على قوة هذا التحسن، ومنها تغطية تمويلات الاعتمادات المستندية، ووقف المضاربات على العملة الأجنبية في السوق السوداء، إلى جانب تقارير دولية إيجابية رصدت هذا الأداء من خلال مراكز بحثية ومؤسسات اقتصادية عالمية. هذه العوامل ساعدت على تعزيز قوة الجنيه في مواجهة الدولار، ورفعت من قيمة الأصول الأجنبية لدى البنوك، ما أعطى الاقتصاد المصري مصداقية وجدارة ائتمانية أمام المؤسسات المالية الدولية.

من المؤشرات المحلية الأخرى التي أشارت إليها الدكتورة وفاء، أن الفترة الماضية شهدت تخفيفًا في القيود المفروضة على استخدام البطاقات الائتمانية خارج مصر، وهو ما يدل على تعافي الجهاز المصرفي وزيادة الثقة في توافر العملة الصعبة. كما أشار هذا التحسن إلى قدرة الدولة على تغطية كافة طلبات الاستيراد عبر البنوك، مما أدى إلى تحسن واضح في توفر السلع داخل السوق المحلية، وانخفاض تدريجي في معدلات التضخم.

وأشارت أيضًا إلى أن الحكومة استطاعت البدء في تنفيذ مبادرات لتحفيز الأسواق وتخفيض الأسعار، مثل مبادرات خفض أسعار الأجهزة الكهربائية وبعض السلع الأساسية، بالتعاون مع المصنعين والمنتجين. وأوضحت أن المواطن قد بدأ يلمس تأثير هذه المؤشرات الاقتصادية على حياته اليومية، سواء من خلال استقرار الأسعار أو زيادة المعروض من السلع.

وفيما يخص استدامة هذا التحسن، أوضحت الدكتورة وفاء أن الدولة تعمل على خلق توازن دقيق بين السياسات المالية والنقدية، مشيرة إلى أن هناك تنسيقًا واضحًا بين الحكومة والبنك المركزي. وقد نجحت الدولة في الحفاظ على الانضباط المالي، وفي الوقت ذاته دعمت أدوات السياسة النقدية للبنك المركزي، مما ساهم في تعزيز الاستقرار النقدي وزيادة الاحتياطي الأجنبي بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، وهو ما بعث برسائل طمأنينة للمؤسسات الدولية.

أكدت أيضًا أن حركة الأموال الساخنة في السوق المصري أصبحت غير مقلقة، إذ لم تعد هناك مؤشرات على هروب استثمارات من أدوات الدين المحلي، مما يدل على تحسن البيئة الاستثمارية وزيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، حتى في ظل التحديات العالمية.

وفي إجابة عن سؤال حول مدى استمرارية هذا التحسن، شددت الدكتورة وفاء على أن العوامل الدولية بطبيعتها متغيرة، فقد تؤثر تحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي القادمة في اتجاه السوق العالمية. ومع ذلك، فإن المؤشرات الداخلية المصرية ما تزال مستقرة، خاصة في ظل استمرار الجنيه تحت المؤشر الكلاسيكي للدولار (DXY) عند مستوى أقل من 100 نقطة، ما يُبقي الاقتصاد في منطقة الأمان النقدي.

أكدت الدكتورة وفاء على ضرورة الحفاظ على هذا الزخم الإيجابي من خلال مواصلة الاستثمار في الاستقرار الاقتصادي، والحفاظ على مستويات الاحتياطي النقدي، والعمل على تعزيز مصادر الدخل الدولاري المباشر وغير المباشر. وأشارت إلى أن استقرار السوق النقدية هو مفتاح النمو الاقتصادي المستدام، وهو ما تسعى الدولة لتحقيقه في المرحلة المقبلة من خلال خطوات محسوبة تهدف إلى تحسين جودة حياة المواطن، ودفع الاقتصاد نحو مزيد من النمو والثقة محليًا ودوليًا.

تم نسخ الرابط