الخميس 02 أكتوبر 2025
الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

ملف في الآداب، واقعة حقيقية يرويها محام عن فتاة اُتهمت بالدعارة

ملف في الآداب
ملف في الآداب

روى أدهم العبودي كاتب وروائي وصحفي ومحام مصري، قصة اتهام فتاة بضبطها في شقة مشبوهة لممارسة الأعمال المنافية للآداب ظلمًا، وكيف أنها وصلت الشقة قبل دخول رجال المباحث بدقائق قليلة لأنها كانت تبحث عن سكن.

القصة تذكر بقصة فيلم "ملف في الآداب" والتي تدور حول ضابط شرطة يصطدم بفساد رؤسائه ويتحول إلى شخص جامد المشاعر، فيقوم بتلفيق تهمة ممارسة الرذيلة لمجموعة من العاملات الأبرياء، بهدف تحقيق ترقية على حسابهن، ولكن بخيوط وتفاصيل مختلفة.

وكتب العبودي على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان (في وضع مخل، ضبط شاب وفتاة لممارستهما أعمال منافية للآداب بالقاهرة): " بخصوص واقعة اقتحام الشقة دي وانتهاك الحياة الخاصة واعتبار أنفسنا أوصياء على البني آدمين، وتبليغ الحكومة اللي انتفضت فجأة ووقائع القبض وخلافه، هذكر واقعة مشابهة كنت حكيتها قبل كده لكن وقتها إني أحكيها تاتي.
طالبة في كلية، قاصر، مكملتش ١٨ سنة، قرّرت تغيّر السّكن بتاعها بسبب مشاكل بينها وبين بعض زميلاتها، اتّفقت مع صديقتين ليها إنّهم يروحوا سكن تاني، ولإنها مغتربة، كلمت سمسار، لفّت شوية على كام شقّة، وفي يوم دخلت شقّة تتفرّج عليها، مفيش عشر دقايق فوجئت ببوكس شرطة، وظابط وعساكر بيقتحموا الشقّة، قبل ما تحاول تفهم بيحصل إيه كانت طالعة من الشقّة متكلبشة في إيد السمسار، ركبوا البوكس وراحوا قسم الشرطة.
عرفنا بعدين إن الشقّة كان متبلّغ عليها من الأهالي إنها بتتأجر مفروش للقيام بأعمال منافية للآداب العامة -دعارة يعني- وإن مكتب الآداب كان مجنّد واحد بوّاب في المنطقة يبلّغهم لو حسّ بأي نشاط مريب.
ظابط المباحث في القسم تعاطف مع البنت بعد ما سمع منها، والسمسار أكّدله إن العلاقة بينهم مجرّد شغل، وكان واضح إن الظابط استعلم وتيقّن إنّه سمسار عقارات فعلًا، ولإن الظابط صديقي وكنت لسّه مخلصله قضية استعمال قسوة مع واحد موكّل عندي بالتنازل فأنا اللي جيت على باله، كلمني، مفسّرش الموضوع وقالي لمّا تيجي هتعرف، قلت في بالي أكيد فيه مشكلة مع محامي.
دخلت مكتب المباحث لقيت البنت قاعدة، كان واضح عليها البراءة والفزع كمان، الظابط شرحلي الموضوع، وقالي: بس التحريات في حوزة مكتب الآداب وجايالنا في الطريق علشان ترفق في المذكرة ودي مقدرش أتدّخل فيها.
مبحضرش في قضايا دعارة، لكن عملت تليفونات، كلمت صاحباتها وأمّنوا على كلامها، كلمت كام سمسار واتأكّدت إن المقبوض عليه معاها سمسار وسمعته حسنة ومالوش في المسائل دي، يعني كمان الفضيحة هتبقى مزدوجة، البنت اللي ممكن أهلها يقتلوها خصوصًا إن أبوها إمام جامع في بلد بحري، والراجل اللي سنّه معدّي خمسين سنة ومعاه ولاد كبار وبنات هيتوقف حالهم وممكن يخسر شغله للأبد.
بعد ساعتين من قعدتي مع البنت والسمسار قدرت أستخلص إن البوّاب كان بينفّذ تعليمات ظابط الآداب، ومالك العقار راجل معندوش ضمير وبيسترزق من شققه المفروشة فلوس بالباطل والحرام، كمان لما قريت المذكرة لقيت إن السكان والأهالي في الشارع اتقدموا قبل كده بأكتر من بلاغ ضد العقار ده.
البنت قالتلي بس حاليًا معاييش أتعاب أدفعها، ظابط المباحث قالي اعتبرها عندي، قلتله يعني انت أجدع مني!
طبعًا تخيلت إن أي حد ممكن يقع في الأزمة دي، شفت نفسي شخصيًا مكانها أو أي حد من قرايبي أعرفه وأعرف أخلاقه، صعبت عليا جدًا، وقررت الدفاع عنها وإن كنت مبحضرش في القضايا دي.
الدنيا كانت ليل، فكده كده المحضر هيتحجز للصبح علشان يتعرض على النيابة، على الساعة ١٢ جت تحريات مكتب الآداب، كانت زي الزفت، أثبتت القيام بأعمال منافية للآداب في الشقّة دي وإنهم بعد المراقبة أبلغهم مصدرهم السري -البواب طبعًا- بوجود اتنين لممارسة البغاء، كمان استعانوا بالأهالي وجم تلاتة يشهدوا في محضر مرفق بمذكرة الضبط، فأكدّوا ما جاء في التحريات على لسان المصدر السري، ولغاية ما نثبت براءة البنت من الاتهام سواء بالشهود أو بالعرض على الطب الشرعي لإثبات إنها بكر ولم يسبق لها الممارسة هيكون فات وقت كبير وهتحصل مشكلة، مشكلة كبيرة.
روّحت ومعرفتش أنام، فضلت أجيبها شمال أجيبها يمين مظبطتش، قمت وشربت فنجان قهوة في فنجان وعصرت دماغي وصلّيت وقريت شوية قرآن يمكن ربنا يحلّها من عنده. 
الصبح لقيت محامي حاضر مع السمسار، البنت دخلت طرقة النيابة مخبية وشها وبتشهق من البكا، شفت عنيها حمرا وأدركت إنها منامتش، طمنتها: أنا منمتش زيّك والله وبفكّر طول الليل في فرج ربنا، قالتلي: متسيبنيش يا أستاذ أدهم أنا زي أختك، قلتلها: إنتي أختي بالفعل.
على الساعة ١١ الصبح مكنّاش لسّه اتعرضنا ع النيابة، بس بشكل ما الخبر وصل من بالليل لأهل البنت، لقيتهم داخلين علينا وغضب ربنا على وشوشهم، البنت شافتهم انهارت، خدتهم على جنب ومسكت أبوها: بنتك مفيش عليها غلطة.. ده سوء تفاهم وهيخلص دلوقتي.
ريّحتهم وأقنعتهم ومن جوايا بدعي ربنا يسترها معايا لإني حرفيًا مكنتش عارف المسألة هتخلص إزاي!
محامي السمسار حاول يقنعه إنه يعترف على البنت ويتحول شاهد بدل متهم ويطلع منها، السمسار هاج عليه وقاله متشكرين لخدماتك متحضرش معايا، بصلي وقالي: تحضر معايا يا أستاذ أدهم؟! بصيت لزميلي اللي عاوز يلبّس البنت وقلت للسمسار: أحضر، قالي: أنا لو هتحبس معاها مش ممكن أشهد عليها بالباطل.. أنا معايا ولايا، وعنيه رغرغت.
دخلت لوكيل النيابة واستأذنته يبعت يجيب ظابط الآداب، قالي اشمعنى؟! أقنعته بوجهة نظري في القضية وإن الظابط ذات نفسه هيخلصنا. اقتنع وقالي لما نشوف!
قلت الحل الوحيد إني أضغط على الظابط في الأسئلة، أكيد هيقع في غلطة كبيرة تخرّجنا منها، وده اللي حصل.
الظابط جه خلال ساعة، في التحقيق جوا رفض ذكر اسم المصدر السري، ووسط الكلام قال إنه اتبلغ عن الواقعة وعمل تحرياته في نص ساعة! طبعًا دي أول غلطة، مع إصراري ذكر اسم المصدر، البواب. 
بعت وكيل النيابة جاب البواب، في التحقيق فضل يلخبط من خوفه، لدرجة إنه قال: شفتهم داخلين بلغت.. كنت عايز أخلص يا بيه، وكيل النيابة قاله: يعني لا شفتهم ولا سمعتهم بيتفقوا ولا صدر تصرف مثير للريبة ولا تعرفهم ورغم كده بلّغت عنهم!
قعدنا لبعد العصر، جبت صاحباتها يشهدوا وأكّدوا أقوالها، جبت المالك يشهد، وسمسار في المنطقة كمان، واتحول خط سير القضية من محضر آداب لبلاغ كيدي هيتحفظ هيتحفظ.
وكيل النيابة أخلى سبيل الاتنين من النيابة، واستدعى أبو البنت اعتذرله بشكل لطيف جدًا ودي كانت لفتة إنسانية عظيمة درأ بيها أي فتن محتملة.
حاول أبوها يديني أتعاب فرفضت، قلتله إنتوا لسّه مسافرين على طريق واعتبرني متطوّع لوجه الله، وقلتله: عرفت إنه سوء تفاهم.. بعض الظن إثم. قالي: ربنا يباركلك في بيتك وعيالك ورزقك.
الدعوة دي بقى خلصتلي كل أتعابي.

اقرأ أيضًا:

عتريس يظهر في دشنا، فيديو متداول لبلطجي يجمع الإتاوة بالسلاح الآلي

تطور عاجل في حادث انقلاب أتوبيس على الطريق الصحراوي بأسيوط (صور)

تم نسخ الرابط