الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

في عالم تتسارع فيه وتيرة الحياة، ويزداد فيه شحّ القلوب، تظل الصدقة شعاعًا من نور يبدد ظلمة الحرمان، ويزرع الأمل في النفوس. 

هي ليست مجرد مال يُدفع أو طعام يُقدّم، بل رسالة حب ورحمة، وجسر يصل بين القلوب قبل أن يصل إلى الأيدي.

يقول الله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [البقرة: 261]

في هذه الآية العظيمة يرسم لنا القرآن صورة بديعة لعطاء الصدقة، وكيف تتضاعف بركتها حتى تصبح أضعافًا مضاعفة، فلا ينقص المال، بل يزيد وينمو.

ويقول الله تعالى: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" [البقرة: 274]، وهنا يربينا المولى على أن يكون العطاء عادة دائمة، في كل وقت وحين، سرًا وعلانية، حتى يكتب لنا الأمن من الخوف والحزن في الدنيا والآخرة.

أما عن أثر الصدقة في دفع البلاء، فقد جاء في الحديث الشريف: "داووا مرضاكم بالصدقة" [رواه البيهقي]، وهذا وعد نبوي بأن الصدقة ليست فقط إحسانًا للآخرين، بل دواء للروح والجسد، وحصن من الأقدار المؤلمة.

الصدقة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الناس، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله" [متفق عليه]، ورغم قلة ذات اليد، كان ينفق بسخاء، ليعلمنا أن الصدقة ليست مرتبطة بالغنى، بل بصفاء القلب.

ويقول الله تعالى: "وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" [البقرة: 273]، فيطمئنك أن كل ما تقدمه – مهما كان قليلًا – محفوظ عند الله، لا يضيع، بل يكتب في ميزان حسناتك.

الصدقة.. استثمار في الآخرة

يقول الله تعالى: "إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ" [التغابن: 17]، وفي هذه الآية عظمة التصوير الإلهي، إذ جعل العطاء قرضًا لله، مع أن الله هو الغني عنّا، لكنه وعد بأن يضاعفه ويغفر به الذنوب.

وفي حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نقص مال من صدقة" [رواه مسلم]، لتبقى القاعدة خالدة: الصدقة ليست خروجًا من المال، بل زيادة فيه، بركة في الدنيا، ونماء في الآخرة.

بهذه المعاني، تصبح الصدقة أسلوب حياة، ومفتاحًا للسعادة، وسببًا لرضا الله، ووسيلة لحماية المجتمع من الفقر والحاجة، وكل يد تمتد بالعطاء، إنما تبني جدارًا من الرحمة يحفظ الأمة من التمزق، ويزرع في القلوب الأمل.

تم نسخ الرابط