حكم الانتحار في الإسلام وجزاءه في الدنيا والآخرة

يواجه الكثير من الأشخاص أمورًا دنيوية لا يستطيع أن يتحملها، ويتجلى ذلك في عدم تحمل طلاب الثانوية العامة نتيجة اختباراتهم، ونتائج التنسيق، أو عدم تحمل فراق أحد الأقارب أو الأصدقاء أو حتى فراق الحبيب، هنا يلجأ الشخص لاستخدام حبوب غلة أو حتى استخدام أدوات حادة أو حتى الالقاء بالنفس في النهر، أو غيرها من الأدوات المستخدمة لإزهاق الروح وإنهاء الحياة والانتحار.

وفي ذلك الإطار، قال الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن الانتحار من الكبائر، والمنتحر يموت بقدر الله وعند العلماء يصلى عليه ويكفن ويدفن في مقابر المسلمين، وهذا أولى بالدعاء له.
وأضاف أمين الفتوى، أن المنتحر ليس كافرا ومن يزعم أنه كافرا فهو مخطئ، منوهًا بأنه لا أحد يعلم سبب الانتحار، فربما أصيب في عقله بشئ أو أصيب باضطراب في عقله.
ونصح أمين الفتوى، من يكفر في الانتحار، بأن أي شاب من الممكن أن يقع في ضيق من الحياة، وعليه أن يعلم أن الدنيا لن تتوقف بالانتحار ، وعليه أن يكون على يقين بأن ما قدره الله له خير، مشددًا بأنه على المرء أن يتحلى بالصبر.
حكم الانتحار بعد المرض النفسي
وفي الأثناء، شدد الشيخ عويضة عثمان، على عدم التفكير فيي الانتحار نهائيًا لأن عطاء الله كبير وعظيم وما عنده أفضل، إن أخذ فكم أعطى، وإن حرم فكم أفاض، مُضيفًا بأنه على المرء عندما لم يتحقق له شيء يريده أن ينتحر، فنجد فتاة تقبل على الانتحار لانها لم تتزوج شخصًا وقد تعلقت به مثلا، لا فالله سيخلف عليك إن شاء الله بأفضل من هذا، أو طالب رسب في امتحان فينتحر، لأن هناك أناس رسبوا وقاموا من كبوتهم وتفوقوا.
إقرأ أيضًا
دعاء سورة يس يستجاب في الحال، اللهم حقق فيك رجائي
دعاء سورة يس لقضاء الحوائج، يستجاب في الحال
وشدد أمين الفتوى على ضرورة التسليم بقضاء الله والرضا به وقدره، والصبر والله يعين ويخلف، موضحًا أن الانتحار حرام وكبيرة من الكبائر لا نلقى بأنفسنا إلى هذا الباب والتهلكة، ونتوكل على الله ونعلم أنه إذا أخذ شيئا أو حرمنا من شيء سيخلف علينا إن شاء الله بأشياء بعد ذلك فلنصبر ولنحتسب.

حكم الانتحار في الإسلام
وقالت دار الإفتاء، إن الانتحار كبيرة من الكبائر وجريمة في حق النفس والشرع، والمنتحر ليس بكافر، ولا ينبغي التقليل من ذنب هذا الجرم وكذلك عدم إيجاد مبررات وخلق حالة من التعاطف مع هذا الأمر، وإنما التعامل معه على أنه مرض نفسي يمكن علاجه من خلال المتخصصين.
وشددت دار الإفتاء، على أن الانتحار حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإجماع المسلمين؛ قال الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» (النساء: 29)، وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.
وأكدت الافتاء أن المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّى على المنتحر ويغسَّل ويكفَّن ويدفن في مقابر المسلمين؛ قال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (2/ 441): [(وغسله) أي الميت «وتكفينه والصلاة عليه» وحمله «ودفنه فروض كفاية» إجماعًا؛ للأمر به في الأخبار الصحيحة، سواء في ذلك قاتلُ نفسِهِ وغيرُه.
عقوبة المنتحر في الآخرة
وفي هذا الشأن، أكد الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن الانتحار حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإجماع المسلمين؛ قال الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» [النساء: 29]، وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.
ونبه عاشور، على أن المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن تحسَّى سمًّا فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها -أي يطعن- في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» رواه البخاري (5442) ومسلم 109.
كما أضافت إذاعة القرآن الكريم في هذا الشأن، قول رسول الله ﷺ: من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده، يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، وهذا الحديث ثابت في الصحيحين.

لماذا يعذب الله المنتحر رغم قدر الله
أوضح مستشار المفتي، أن المنتحر قد انتهى أجله، بالسبب الذي أقدم عليه، ولا يعني ذلك أنه لما كان أجله المقدر منتهيًا ينبغي ألا يؤاخذ بما هو مكتوب قدرًا، وذلك لأن الله تبارك وتعالى جعل في العبد قدرة وإرادة ليتمكن بهما من عمل ما أراد وترك ما لم يرد، فإذا أقدم على أمر منهي عنه شرعًا مع تمكنه من الترك، فقد خالف ما أمره الله تعالى به، وأراده منه شرعًا، ومن خالف الأمر مُختارًا استحق العقاب، وما كتبه الله عز وجل قدرًا لا ح أن يحتج به على مخالفة الأمر الشرعي.