
على بُعد خطوات من أهرامات الجيزة، يقف المتحف المصري الكبير شامخًا، كصرح ثقافي عالمي يترقب العالم لحظة افتتاحه الرسمي، في حدث وصفه الخبراء بأنه الأضخم في تاريخ المتاحف المعاصرة.
لم يكن الوصول إلى هذه اللحظة وليد الصدفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية وجهد حكومي متكامل على مدار سنوات، من التخطيط إلى التنفيذ، ومن التصميم إلى الإعداد لحفل سيكون بوصلة السياحة العالمية نحو مصر.
منذ أن وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بجعل المتحف مشروعًا حضاريًا عالميًا، تحركت الحكومة بخطة شاملة تجمع بين الثقافة والسياحة والاقتصاد.
رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ترأس عدة اجتماعات مكثفة للجنة العليا المنظمة، لمراجعة التفاصيل من استقبال الوفود الرسمية وتأمين الحدث، إلى تطوير البنية التحتية وخطط النقل الجماعي، ضمن هدف واضح وهو تحويل المتحف إلى منصة حضارية ودبلوماسية تعزز صورة مصر عالميًا وتستقطب ما لا يقل عن خمسه ملايين زائر سنويًا.

ماذا تحوي أيقونة المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير يمتد على مساحة 500 ألف متر مربع، أي ضعف مساحة متحف اللوفر و2.5 مرة مساحة المتحف البريطاني، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بينها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة مجتمعة.
وتبلغ تكلفة المتحف 1.1 مليار دولار بتمويل مشترك بين مصر وشركاء دوليين، جاء المشروع ليواكب أحدث معايير العرض المتحفي عالميًا، بسعة يومية تصل إلى 15 ألف زائر، و12 قاعة عرض رئيسية، ومرافق ثقافية وتجارية ومطاعم ومسرح عالمي ومركز مؤتمرات.
ولضمان سهولة الوصول، نفذت الدولة مشروع تطوير شامل للطرق المحيطة وربط المتحف بمحاور رئيسية مثل الطريق الدائري ومحور 26 يوليو، وإنشاء محطة مترو "المتحف المصري الكبير" ضمن الخط الرابع، إلى جانب خطوط حافلات BRT ومواقف تستوعب 1,460 سيارة و241 حافلة.
أما على صعيد الأمن، فقد تم تجهيز أنظمة مراقبة ذكية وكاميرات حرارية وكاشفات متفجرات، مع فرق أمنية مدربة على استقبال كبار الشخصيات.

العوائد الاقتصادية للمتحف المصري الكبير
اقتصاديًا، تتوقع وزارة السياحة والآثار أن يسهم الافتتاح في زيادة إيرادات السياحة الثقافية بنسبة 20% سنويًا، ورفد الناتج المحلي بما يقرب من 2 مليار دولار سنويًا، مع توفير أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
ومن المقرر أن يشهد الافتتاح حضورًا دوليًا واسعًا، بدعوات موجهة إلى أكثر من 100 شخصية عالمية، وبثًا مباشرًا عبر أكثر من 50 قناة وبثماني لغات عالمية.
إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى يضم الآثار، بل هو رسالة من مصر إلى العالم، بأن حضارتها التي أبهرت البشرية منذ آلاف السنين ما زالت قادرة على الإلهام وصناعة المستقبل، ومع اقتراب لحظة التدشين، تتحول الجيزة إلى عاصمة للثقافة الإنسانية، لتفتح أبوابها للعالم في مشهد حضاري يليق بتاريخ مصر العريق.