الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
الايام المصرية

شهدت منظومة التنسيق الجامعي في مصر قفزة نوعية خلال العقد الأخير، إذ انتقلت من الطوابير المزدحمة أمام مكاتب القبول إلى منصة إلكترونية تتيح للطالب إدارة مستقبله الجامعي من أي مكان.

هذا التحول الرقمي، الذي أصبح العمود الفقري لتوزيع الطلاب على الكليات والمعاهد، جسّد رؤية الدولة نحو إصلاح التعليم العالي وتحسين الخدمات.

لكن بين طموح التطوير وواقع التطبيق، تظهر تحديات تقنية وإدارية تضع المنظومة تحت مجهر النقد.

الإصلاح الرقمي يغيّر قواعد مكاب التنسيق

أبرز ملامح هذا التحول تكمن في التيسير غير المسبوق على الطلاب وأولياء الأمور، إذ لم يعد التسجيل يتطلب الانتقال بين المحافظات أو التعامل مع الإجراءات الورقية المعقدة.

يستطيع الطالب اليوم تسجيل رغباته إلكترونيًا، تعديلها عدة مرات خلال المرحلة، والحصول على نتيجة التنسيق فور إعلانها.

كما عززت الواجهة المبسطة للموقع من سهولة الاستخدام، وقلّصت فرص الخطأ بفضل الإرشادات المدمجة.

في الجانب الميداني، وزعت وزارة التعليم العالي مئات معامل الحاسب الآلي على الجامعات الحكومية، مع تخصيص معامل مجهزة لذوي الهمم، مثل مركز الإبصار الإلكتروني بجامعة عين شمس.

هذه الجهود تشير إلى إرادة حقيقية لضمان شمولية الخدمة وعدالتها جغرافيًا.

تحديات تعيق الانطلاقة فى مكتب التنسيق

رغم الإيجابيات، لا تزال الأعطال الفنية أبرز نقاط الضعف، خاصة في أوقات الذروة حين يتزاحم عشرات الآلاف على الموقع.

هذه الانقطاعات لا تستهلك وقت الطلاب فقط، بل تضعف الثقة في المنظومة. يضاف إلى ذلك محدودية ساعات عمل معامل الدعم الفني (من التاسعة صباحًا حتى الثالثة عصرًا)، وهو ما يقيّد استفادة شريحة من الطلاب الذين يحتاجون إلى المساعدة خارج هذه الساعات.

على المستوى الإرشادي، يواجه بعض الطلاب صعوبة في تحديد اختياراتهم الدراسية وسط ضبابية سوق العمل، ما يدفعهم أحيانًا لاتخاذ قرارات غير مدروسة قد ترسم مسارًا أكاديميًا ومهنيًا غير ملائم.

وتظل مسألة الأمان الإلكتروني هاجسًا ماثلًا، خاصة مع التحذيرات من سرقة الأرقام السرية وتعديل الرغبات دون علم الطالب.

أرقام تكشف حجم منظومة  التنسيق في 2025

حتى 30 يوليو 2025، سجّل 35 ألف طالب رغباتهم في المرحلة الأولى.

حدد مكتب التنسيق الحد الأدنى للشعبة العلمية بـ293 درجة (91.56%)، وللشعبة الهندسية بـ283 درجة (88.44%)، وللشعبة الأدبية بـ233 درجة (72.81%).

اللافت هذا العام هو انخفاض الحد الأدنى للقبول بكليات الطب إلى 81%، مقابل 68% للهندسة و61% للحاسبات والمعلومات، ما يعكس تغيرًا في خريطة الإقبال على التخصصات.

فجوة بين مكانب التنسيق فى مصر النظم العالمية

رغم تشابه النظام المصري مع نظم القبول الجامعي في دول متقدمة خاصة في أتمتة الإجراءات وتقليل التدخل البشري إلا أن الفجوة تظل واضحة في غياب آلية شاملة تأخذ بعين الاعتبار مهارات الطالب وأنشطته اللاصفية، لا مجرد درجاته في الامتحانات، وهناك نماذج مثل كندا وفنلندا توضح كيف يمكن لنظم القبول أن تكون أكثر شمولًا وارتباطًا باحتياجات سوق العمل.

المسار نحو نظام تنسيق مثالي لا يكتمل بالتطوير التقني وحده، بل يتطلب ربط العملية التعليمية بالاحتياجات التنموية، وتوسيع أدوات التقييم لتشمل القدرات العملية والإبداعية للطلاب.

الشفافية والعدالة يجب أن تبقيا حجر الزاوية، حتى يطمئن الطلاب وأولياء الأمور إلى نزاهة النظام.

إصلاح التعليم العالي ليس مجرد تحديث برامج أو مواقع إلكترونية، بل مشروع وطني طويل الأمد، يحتاج إلى إرادة سياسية، واستثمار في البنية التحتية، وتكامل بين مؤسسات الدولة وسوق العمل.

حينها فقط، يمكن أن تتحول مكاتب التنسيق من مجرد بوابة للقبول إلى أداة لصناعة جيل قادر على قيادة المستقبل.

تم نسخ الرابط