حدث في مثل هذا اليوم انفجار مرفأ لبنان، رحلة التحقيقات وكشف الحقيقة وتخليد ذكرى الضحايا
في مثل هذا اليوم الـ4 من أغسطس من عام 2020، أدى انفجار مرفأ بيروت الهائل إلى تسريع انهيار لبنان، وأسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وتسبب بخسائر تصل إلى 15 مليار دولار وفقا لتقدير محافظ بيروت.
انفجر نوع جديد من المواد فوق رؤوس اللبنانيين، فهزّ قلب العاصمة بيروت، ووصلت تردداته إلى سوريا وقبرص وفلسطين، وكانت قوة الانفجار شديدة، إذ غطى الزجاج مساحة المدينة كلها، وقتلت موجات الصدمة أكثر من 200 شخص، وأصيب الآلاف بجروح قاتلة، وظنّ معظم اللبنانيين أنه سيكون يومهم الأخير، بعد أن مسح الانفجار أحياء بأكملها عن الخارطة.
وحسبما كشف البنك الدولي اعتمادا على أداء لبنان، إن هذا البلد يمكن أن يحتل المرتبة التالية مباشرة بعد تشيلي التي استغرقت 16 عاما للتعافي من انهيار 1926، وإسبانيا خلال الحرب الأهلية في الثلاثينيات والتي تطلّبها الأمر 26 عاما، مقدرا أن لبنان قد يستغرق ما بين 12 و19 عاما للتعافي.
أسباب انفجار مرفأ بيروت
تعدّدت الآراء حول أسباب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، فمنهم من قال إن أعمال تلحيم وصيانة تسببت باندلاع الحريق، ومنهم من ردّ ذلك إلى استهداف إسرائيلي للمخازن بصاروخ مباشر، أدى إلى احتراق كمية كبيرة من نترات الأمونيوم، كانت مخزّنة في مرفأ بيروت منذ سنوات، في ظل ظروف غير آمنة.
اقرأ أيضًا
تفجير مرفأ بيروت، 5 أعوام مضت ومازال لبنان ينزف
الحكومة اللبنانية تأمر بتشديد الإجراءات الأمنية بمرفأ بيروت.. ما علاقة حزب الله؟
التحقيق في أسباب انفجار مرفأ لبنان
لم تكشف السلطات اللبنانية حتى الآن عن أسباب انفجار مرفأ لبنان، وذلك حسبما ذكرت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، وكذلك لم تحقق العدالة للضحايا وعائلاتهم بعد مرور خمس سنوات على انفجار مرفأ بيروت المروّع في 4 أغسطس 2020.
وكي يُحدد التسلسل الكامل للمسؤولية وراء التفجير، لابد من إجراء تحقيق شامل بدون عراقيل، ويذكر أن وكان الانفجار أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 236 شخصًا وإصابة أكثر من 7,000 شخصًا، ودمّر مساحات واسعة من العاصمة، ولم يسفر استئناف التحقيق المحلي في 2025 بعد توقف دام سنتين عن أي نتائج حاسمة بعد.
كذلك يتعين على السلطات اتخاذ كافة التدابير الضرورية لضمان القدرة على استكمال التحقيق بدون أي تدخل أو عرقلة غير لازمة من جانب الزعماء السياسيين، أو المسؤولين في الدولة، أو الأشخاص المشتبه بهم في القضية، وهذا يشمل ضمان استقلال القضاء وإقرار التعديلات اللازمة في قانوني أصول المحاكمات المدنية والجزائية النافذين في لبنان من أجل تصحيح النصوص التي تُستغل لعرقلة سير التحقيقات الجزائية والمدنية.
وأضافت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس وواتش إن الطريق إلى العدالة يظل محفوفًا بالتحديات السياسية والقانونية على الرغم من استئناف التحقيق. ويتعين على السلطات اللبنانية أن تبادر عاجلًا إلى تذليل العقبات التي عرقلت التحقيق مرارًا وتكرارًا، وأن تحرص على سير التحقيق بدون أي تدخلات سياسية.
نتائج تحقيق هيومن رايتس ووتش في انفجار مرفأ لبنان 2020
كشف تحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش في 2021 - بعد عام على الحادث - إلى أن الانفجار كان نتيجة مباشرة لتقصير السلطات اللبنانية في التمسك بواجباتها تجاه حقوق الإنسان، لاسيما الحق في الحياة، وأشارت إلى إمكانية تورط مسؤولين كبار.
ووثقت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس وواتش، وغيرهما من المنظمات الحقوقية باستمرار مجموعة من الشوائب الإجرائية والنظامية في التحقيق المحلي، وتشمل هذه الشوائب التدخل السياسي المتفشي، ما منح الحصانة لمسؤولين سياسيين رفيعي المستوى، والتقاعس عن احترام الإجراءات الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة.
ونددت البلدان الأخرى مرارًا وتكرارًا بالتدخل السياسي السافر للسلطات في التحقيق المحلي، لاسيما في بيان مشترك صدر في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مارس 2023.
وقال رمزي قيس باحث لبنان في هيومن رايتس ووتش، أنه لا يرتبط تحقيق العدالة بشأن انفجار مرفأ بيروت بالمساءلة عن حادثة واحدة فقط، بل إنه يختبر الوعد الذي قطعه لبنان بالالتزام بسيادة القانون وحقوق الإنسان.
تأخير العدالة إنكار لها
ومن جانبها، تقول رينا وهبي مسؤولة الحملات المعنية بشؤون لبنان في منظمة العفو الدولية، إن تأخير العدالة هو إنكار لها، إذ انتظر عائلات الذين قُتلوا وأصيبوا في انفجار بيروت خمس سنوات لا تُطاق، ولا يجوز إجبارها على تحمل الإفلات من العقاب لسنة أخرى. لقد آن الأوان الآن لتحقيق العدالة، والمساءلة، وكشف الحقيقة.
ويذكر أنه قد سعى عدد من السياسيين وكبار المسؤولين الذين استدعاهم قاضي التحقيق طارق بيطار، ومن ضمنهم جنرالات، وقضاة، ونواب، ووزراء سابقون، إلى إخراج التحقيق عن مساره باستمرار بدلًا من تيسيره، ولكنهم رفضوا حضور جلسات الاستجواب، مستنجدين بمختلف أشكال الحصانة، وقدموا سيلًا من الطعون القانونية ضد القاضي بيطار أوقف مسار التحقيق بصورة متكررة.
كما حاول القاضي بيطار في يناير2023، استئناف التحقيق المتوقف عقب تعليقه لمدة سنتين، ولكن رد النائب العام التمييزي في لبنان آنذاك غسان عويدات الذي وجّه البيطار تهمًا إليه، برفع دعوى قانونية ضده، ما أدى عمليًا إلى تعليق التحقيق مرة أخرى، كذلك أمر عويدات بإطلاق سراح المشتبه بهم الذين كانوا رهن الاحتجاز الاحتياطي منذ وقوع الانفجار، وأصدر تعليمات إلى قوى الأمن والنيابة العامة بوقف كل تعاون مع القاضي.
واستأنف بيطار في فبراير 2025، التحقيق بعد تعليق آخر استمر عامين، باستدعاء موظفين ومسؤولين إضافيين متورطين في الانفجار، جاءت هذه الخطوة وسط تعهدات سياسية متجددة من جانب الرئيس جوزاف عون الذي انتخب حديثًا ورئيس الوزراء نواف سلام بالحفاظ على سيادة القانون، والحرص على تحقيق العدالة لضحايا انفجار المرفأ.
وقد عززت هذه الخطوة في مارس، عندما ألغى النائب العام التمييزي جمال الحجار، التدابير التي فرضها سلفه، والتي جمدت التحقيق فعليًا، وامتثل بعض الذين استدعوا، كرئيس الوزراء الأسبق حسان دياب، واللواء عباس إبراهيم، واللواء طوني صليبا، وحضروا للاستجواب لأول مرة منذ سنوات. بيد أن مسؤولين آخرين، من ضمنهم نائبان في البرلمان هما علي حسن خليل وغازي زعيتر، والنائب العام السابق عويدات، واصلوا عرقلة التحقيق برفضهم الخضوع للاستجواب.
تخليد أسماء ضحايا انفجار مرفأ لبنان
تم إطلاق اسم "شارع ضحايا 4 آب"على الطريق الممتدة من تمثال المغترب إلى تقاطع جورج حداد في العاصمة بيروت، وذلك تخليدًا لضحايا انفجار مرفأ لبنان وخلال حفل أقيم برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، بدعوة من أهالي ضحايا، شهداء، جرحى ومتضرري تفجير مرفأ ، وعدد كبير من الوسائل الاعلامية إضافة إلى أهالي ضحايا وشهداء المرفأ.
كما سيقام تحرك شعبي إحياء للذكرى، يتمثل فى تجمع الساعة الرابعة عصرا، في ساحة الشهداء وتجمع آخر عند فوج إطفاء بيروت، قبل انطلاق المسيرتين والوصول أمام صوامع المرفأ حيث ستتلى أسماء الضحايا وتلقى كلمات باسم الأهالي.