أمراض الكبد عند الأطفال لا تحظى بالاهتمام الكافي، رغم أنها تُعد من أبرز أسباب الوفاة والإعاقة إذا لم تُكتشف مبكرًا.
من التهاب الكبد الفيروسي إلى التليف الوراثي والفشل الكبدي الحاد، تنوعت التهديدات التي قد تضرب الكبد الصغير في صمت، لتعلن عن نفسها فجأة بعلامات صادمة.
في هذا المقال الصحفي نلقي الضوء على أبرز أنواع أمراض الكبد لدى الأطفال، وأعراضها التي قد تمر دون ملاحظة، وأسبابها التي تتراوح بين العدوى الوراثية والفيروسات والسموم، كما نستعرض أهم طرق الوقاية لحماية صحة أطفالنا من هذا الخطر الصامت.
ما هي أمراض الكبد عند الأطفال؟
الكبد يلعب دورًا رئيسيًا في نمو الطفل وتغذيته، حيث يقوم بتصفية السموم، وتحويل الطعام إلى طاقة، والمساعدة في تجلط الدم، لكن هذا العضو الحيوي قد يتعرض لأمراض خطيرة إما بشكل مفاجئ أو تدريجي، وأبرزها:
الفشل الكبدي الحاد
يحدث الفشل الكبدي الحاد فجأة دون تاريخ مرضي سابق، نتيجة:
- الإصابة بفيروسات مثل التهاب الكبد A وBوE، أو فيروسات الهربس وCMV.
- تناول أدوية بجرعات زائدة مثل الباراسيتامول.
- التسمم نتيجة ابتلاع منظفات أو مبيدات.
- أمراض وراثية مثل مرض ويلسون، وأمراض استقلابية نادرة.
الفشل الكبدي المزمن
يبدأ الفشل الكبدي المزمن ويتطور ببطء وقد يظل خفيًا لسنوات، ومن أهم أسبابه:
- التهاب الكبد المزمن المناعي أو الفيروسي (مثل التهاب الكبد C).
- التليف الكيسي ونقص أنزيم ألفا-1 أنتيتريبسين.
- اضطرابات القنوات الصفراوية مثل رتق القناة الصفراوية أو التهاب الأقنية الصفراوية.
أعراض أمراض الكبد عند الأطفال: علامات لا يجب تجاهلها
غالبًا ما تبدأ الأعراض بشكل خفي، لكن مع الوقت قد تتطور لتشمل:
- اليرقان: اصفرار الجلد وبياض العين.
- تغير لون البول والبراز: بول داكن وبراز شاحب.
- فقدان الشهية والشعور بالتعب المستمر.
- ألم أو انتفاخ في البطن، خاصة في الجزء العلوي الأيمن.
- القيء والغثيان والإمساك أو الإسهال.
- كدمات ونزيف بسهولة نتيجة ضعف تخثر الدم.
- تغيرات في السلوك أو الوعي في الحالات المتقدمة.
الاحصائيات العالمية والمحلية وعدد المصابين بأمراض الكبد الوبائي
تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 1.5 مليون طفل حول العالم يعانون من أمراض كبدية مزمنة.
وفي مصر، تُقدّر الإصابات الكبدية لدى الأطفال بآلاف الحالات سنويًا، كثير منها لا يُكتشف إلا في مراحل متأخرة، مما يصعب العلاج.
كما تؤكد دراسة صادرة عن الجمعية المصرية لأمراض الكبد والجهاز الهضمي للأطفال أن نحو 15% من الأطفال الذين يُعرضون على المستشفيات الجامعية يُظهرون علامات مبكرة لأمراض كبدية، بينما لا يتلقى الكثير منهم الرعاية المتخصصة في الوقت المناسب.
كيفية الوقاية من أمراض الكبد عند الأطفال
- يمكن الوقاية من نسبة كبيرة من هذه الأمراض عبر خطوات بسيطة لكنها فعالة:
- التغذية السليمة: تقليل السكريات والدهون المشبعة، وزيادة تناول الخضراوات والفواكه.
- الحفاظ على الوزن الصحي: السمنة من أبرز مسببات الكبد الدهني غير الكحولي لدى الأطفال.
- الحذر من الأدوية والعقاقير: تجنب إعطاء الأدوية دون وصفة طبية، خاصة الباراسيتامول.
- التطعيم: التأكد من حصول الطفل على لقاحات التهاب الكبد AوB.
- المتابعة الدورية: إجراء تحاليل وظائف الكبد إذا ظهرت أعراض مقلقة أو كان الطفل من أصحاب الأمراض الوراثية.
مبادرات صحية مصرية رائدة
شهدت مصر مؤخرًا جهودًا متقدمة في رعاية صحة الكبد، حيث أطلقت وزارة الصحة حملات موسعة للكشف عن الفيروسات الكبدية، شملت الأطفال في بعض المحافظات ضمن خطط المسح الشامل.
كما بدأت بعض الجامعات والمراكز الطبية في إنشاء وحدات متخصصة لرعاية الكبد للأطفال، تشمل خدمات الفحص المبكر والعلاج المجاني للحالات المزمنة.
وفي النهاية أقول إن أمراض الكبد عند الأطفال خطر حقيقي لكنه يمكن السيطرة عليه إذا توفرت التوعية، وجرى الاكتشاف المبكر.
ما يحتاجه الطفل المصاب هو بيئة داعمة، وتغذية صحية، ورعاية طبية دقيقة، أما ما تحتاجه الأسرة فهو الوعي، واليقظة، والالتزام بالإرشادات الوقائية.
بسمة إبراهيم