
في خطوة تعكس يقظة الدولة المصرية في إدارة الملف الأمني، كشفت حركة تنقلات وترقيات ضباط الشرطة لعام 2025 عن استراتيجية جديدة لوزارة الداخلية، تتجاوز مفهوم التدوير الوظيفي التقليدي، لتؤسس لمنظومة أمنية متطورة بقيادات مدروسة واختيارات نوعية.
الحركة التي جاءت في توقيت بالغ الأهمية، تحمل في طياتها رسائل غير مسبوقة على مستوى الأداء والتوجه، أبرزها ضخ دماء جديدة في مفاصل الجهاز الأمني، وإعادة توظيف الخبرات في مواقعها الطبيعية، وفق رؤية علمية توازن بين الكفاءة والانضباط، والخبرة والابتكار.
فضلاً عن رسائل الأمن القومي التي بعثتها للعالم، والتي مفادها أن أمن مصر القومي غير قابل للمساس، ولا يقبل المساومة.
كما أثبتت وزارة الداخلية من خلال هذه الحركة أنها تعمل بروح الجمهورية الجديدة، وأن أمن الوطن لم يعد مجرد وظيفة، بل مسؤولية استراتيجية تتطلب قيادة مؤهلة، مدركة لتحديات المرحلة، ومُحفَّزة لإنتاج حلول تتماشى مع فلسفة الدولة في تحقيق الأمن بمفهومه الشامل، القائم على العدل والاحترافية واحترام الكرامة الإنسانية.

ففي البيان الرسمي الذي أعلنت عنه الوزارة، أكدت أن الحركة جاءت "مواكبة لسياسة وتوجهات الدولة في تصعيد العناصر الشبابية وتعظيم الاستفادة منها في مختلف قطاعات العمل الأمني، لإعداد جيل جديد من القيادات القادرة على مواكبة متطلبات الجمهورية الجديدة".
مؤكدة أن الحركة تستهدف تطوير الأداء الأمني ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية، في ظل إقليم مضطرب ومتغيرات متسارعة.
وجوه جديدة في مواقع استراتيجية
تميزت حركة 2025 بتعيينات نوعية تؤكد رؤية واضحة في الاختيار، حيث تم الدفع بقيادات ذات سجل احترافي حافل إلى ملفات دقيقة، أبرزها الأمن الاقتصادي، والتموين، والمخدرات، والأمن الوطني، وأمن المنافذ، في رسالة واضحة أن المرحلة المقبلة تتطلب رجالاً بمستوى التحدي:
- اللواء طارق محمد رجب شرابي – مديرًا للإدارة العامة لشرطة التموين، لمواجهة جرائم الغش التجاري والتلاعب بالأسواق، نظرًا لخبراته الطويلة في مكافحة تهريب السلع المدعومة وضبط سلاسل التوزيع.
- اللواء محمد فتح الله غازي إبراهيم – على رأس قطاع الأمن الاقتصادي، في توقيت يتطلب رقابة صارمة على حركة الأسواق، وتفكيك شبكات الاستغلال المالي والاحتكار والفساد المؤسسي.
- اللواء مفيد فوزي عبدالحميد العطوي – مديرًا لمكافحة المخدرات، وهي واحدة من أهم الجبهات الأمنية ضد السموم القاتلة التي تهدد الشباب، وهو اسم بارز في مكافحة شبكات التهريب الدولي.
- اللواء عاطف عبدالعزيز محمد خالد – مساعدًا للوزير لقطاع الأمن الوطني، وهو منصب يتطلب مهارات معلوماتية واستخباراتية عالية في ظل التهديدات المتغيرة، وقد أثبت الرجل كفاءته في قيادة ملفات حساسة داخل أروقة وزارة الداخلية.
- اللواء محمد منصور إبراهيم الباز – مسؤولًا عن مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة، في وقت أصبحت فيه الجريمة العابرة للحدود بحاجة إلى قيادة تمتلك الحنكة القانونية والاقتصادية.
- اللواء نضال عبدالقادر – على رأس أكاديمية الشرطة لتحديث منظومة التأهيل الأمني، وتحويلها إلى منصة لإنتاج قيادات قادرة على التعامل مع الجريمة الذكية والتحولات التكنولوجية.
- لم تغفل الحركة أهمية استقرار الشارع المصري، إذ تم الدفع بقيادات خبرة وشباب إلى مواقع الجماهير المباشرة، ومنها:
- اللواء محمد مجدي شميلة – مديرًا لأمن الجيزة، في واحدة من أكبر وأخطر المديريات على مستوى الجمهورية.
- اللواء رشاد فاروق سليمان – مديرًا لأمن الإسكندرية، لخوض معركة ضبط الأسواق وجرائم الشارع.
- اللواء أشرف جاب الله – مديرًا لأمن القليوبية، المعروفة بتحدياتها الأمنية والانتشار السكاني المرتفع.
- اللواء علاء الدين عامر – مديرًا لأمن المنوفية، بخبرة ميدانية كبيرة في إدارة الأزمات والنزاعات الاجتماعية.
- اللواء محمد حامد هشام – إلى أمن قنا، بخبرة عميقة في التعامل مع النزاعات القبلية والملفات الصعيدية.

تقدير لمَن غادر.. وثقة في القادم
جاءت الحركة أيضًا تكريمًا لمن بلغوا السن القانونية، عبر تسليم الراية إلى قيادات من الجيل التالي، في انتقال سلس يعكس استقرار المؤسسة الأمنية، ويبرهن على وجود قاعدة عريضة من الكفاءات المتاحة للقيادة، دون فراغ أو ارتباك.
ودائماً ما بين خطوط النار، ومهام المعلومات، ودوريات الشوارع، يثبت رجال الشرطة في كل موقع أنهم عيون الوطن التي لا تنام، وحصنه المنيع الذي لا يُخترق.
وحركة 2025 جاءت لتؤكد أن وزارة الداخلية لا تنتظر الأزمة كي تتحرك، بل تسبقها بخطوة، وتعيد ترتيب الصفوف لتبقى قادرة على المواجهة، وتحقيق الأمن للمواطن المصري في كل شارع وحي وميناء ومنفذ.
ختامًا، تستحق وزارة الداخلية التحية على هذه الحركة الواعية التي جمعت بين التخطيط والرؤية والشجاعة في اتخاذ القرار، حركة تعبّر عن عقل أمني منضبط، ومؤسسة تعرف متى تُجدد، وكيف تُدير، ولمن تُسند المهام.