الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

منهج القيم واحترام الآخر.. خطوة تربوية لبناء إنسان مصري جديد

في زمن بات فيه خطاب الكراهية والتعصب ينتشر بسرعة تفوق سرعة التعليم، جاءت خطوة وزارة التربية والتعليم المصرية بتدريس منهج "القيم واحترام الآخر" كقرار بالغ الأهمية، يعيد صياغة الدور الحقيقي للمدرسة، ويؤسس لمجتمع متماسك قوامه الاحترام، وقيمه التسامح، ومبادئه العيش المشترك.

إن إدراج هذا المنهج ضمن الكتب المطورة للعام الدراسي 2025 - 2026 لا يُعد مجرد تعديل في الخطة الدراسية أو إضافة نشاط عابر، بل هو تحول جوهري في فلسفة التعليم المصري، يعكس إرادة الدولة في إعادة تشكيل وعي الأجيال، والتأسيس لمواطن مدني يعي قيمة التعدد والاختلاف ويؤمن بأن الإنسانية تسبق كل انتماء.

الوزارة لم تكتف بإدراج "منهج القيم" كدرس شكلي، بل خصصت له نصف فترة دراسية، مما يمنحه مساحة زمنية حقيقية داخل اليوم الدراسي، ويُخرج المفاهيم الأخلاقية من دائرة التنظير إلى حيز التفاعل العملي بين الطلاب. 

وحسب بيان الوزارة سيتم توزيع الحصص بين هذا المنهج والتربية الموسيقية والمهارات المهنية، في الصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي، مما يُعزز من تكامل التكوين المعرفي والسلوكي للطالب، ويمنح العملية التعليمية أبعادًا إنسانية ومجتمعية تتجاوز حدود الكتاب والقلم.

الأهم من ذلك، أن هذه الخطوة تتزامن مع إطلاق عام دراسي جديد، يبدأ في 20 سبتمبر 2025 ويستمر حتى 11 يونيو 2026، وفق خريطة زمنية دقيقة. وبينما تبدأ امتحانات النقل للفصل الدراسي الأول في 10 يناير 2026، والثاني في 16 مايو، تبقى "القيم" هي الامتحان الأكبر الذي يجب أن تجتازه الأجيال لا بورقة إجابة، بل بسلوك واقعي داخل الفصول وخارجها.

وفي ظل أزمات العالم المعاصر، من صراعات الهوية إلى صدام الحضارات، لم تعد المناهج التقليدية قادرة وحدها على صناعة جيل قادر على مواجهة تحديات الحياة. 

لذلك فإن قرار وزارة التعليم المصرية يُعد نموذجًا جديرًا بالتقدير، يُعيد للمدرسة دورها التربوي العميق، ويربط التعليم بقضايا المجتمع وأولوياته الأخلاقية والإنسانية.

منهج "القيم واحترام الآخر" ليس مجرد استجابة لاحتياجات اللحظة، بل هو استثمار في المستقبل. استثمار في عقل طفل، وفي ضمير مراهق، وفي وعي مواطن مصري قادر على العيش بكرامة، وممارسة حريته دون أن يصادر حرية غيره.

إنها خطوة إيجابية، قوية، وضرورية.. بل هي بداية لتعليم لا يخرج حفظة كتب، بل صانعي حضارة.

 

تم نسخ الرابط