الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

إنَّ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم صفوة الخلق بعد الأنبياء، وأكرم هذه الأمة بعد نبيها، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه وحمل رسالته وتبليغ دينه.

وقد أجمع أهل العلم قاطبةً على أن محبتهم وتوقيرهم دينٌ وإيمان، وبغضهم وسبُّهم ضلالٌ وبهتان.

يقول الله سبحانه وتعالى فيهم ثناءً وتزكية: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأعد لهم جناتٍ تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، ذلك الفوز العظيم" [التوبة: 100].

وقال عزّ وجل في وصفهم: "محمدٌ رسول الله، والذين معه أشداءُ على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعاً سُجّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، سيماهم في وجوههم من أثر السجود" [الفتح: 29].

السنة النبوية تحفظ مكانة الصحابة

وقد جاءت السنة النبوية الشريفة تؤكد هذا المعنى وتزيده وضوحًا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا، ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه"، أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما.

كما قال عليه الصلاة والسلام في فضلهم الزمني والتربوي: "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، متفق عليه عن عمران بن حصين.

إن سب الصحابة رضي الله عنهم جريمة عظيمة، لأنها طعنٌ في الدين نفسه، وتشكيك في نقل الشريعة، فهؤلاء الصحابة هم من بلغوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم من نقلوا لنا القرآن والسنة، والقدح فيهم هو قدح في أصل الدين ووسيطه.

وقد أجمعت الأمة أن من سب الصحابة جملةً أو طعن في عدالتهم جميعاً، فهو على خطر عظيم، بل ذهب طائفة من أهل العلم إلى تكفيره، لأنه مكذب لما علم بالضرورة من دين الإسلام من تزكية الله ورسوله لهم. 

وإن سبّ أحداً من الصحابة ممن تواترت النصوص في فضله وعدالته، واتخذ من ذلك طريقاً للنيل من الدين أو إنكار ما جاء به، فهو على شفا كفر إن لم يُراجع ويتب.

والأصل في هذا الباب أن من وقع في عرض أحد الصحابة بدافع الهوى أو الجهل، يُعذر حتى تقام عليه الحجة وتبيّن له النصوص، فإن رجع وتاب، فباب التوبة مفتوح، وإن أصرّ وعاند بعد قيام الحجة، فلا شك أنه ضال مضل، كما قال غير واحد من أهل العلم.

قال الإمام أحمد رحمه الله: "إذا رأيت رجلاً يذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بسوء، فاتهمه على الإسلام". وقال الإمام مالك: "من سبّ أبا بكر وعمر أُدِّب، ومن سبّ عائشة قُتل".

ليس المقصود من هذه الأحكام الدعوة إلى الفتنة أو الغلو في الأشخاص، بل المقصود هو الحفاظ على قدسية الجيل الذي حمل هذا الدين، وصانته الشريعة بالنصوص والضوابط، لأن الإساءة إليهم تفتح بابًا للطعن في أصول الدين.

وفي الختام، إن الصحابة الكرام هم شرف هذه الأمة، ومنارة هداها، ومهاجمتهم ليست قضية تاريخية فحسب، بل تمس العقيدة والهوية والمصدر الذي بُني عليه الإسلام، فوجب على كل مسلم عاقل أن يوقرهم، ويذب عنهم، ويقف عند قدرهم بما أوجبه الله ورسوله، وأن يحذر من كل قولٍ أو فعلٍ ينال من مقامهم، فإن في ذلك حفظًا للدين وحصانةً للأمة من الانحراف والفتنة.

أحمد الشهاري

كاتب صحفي

تم نسخ الرابط