الايام المصرية
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس مجلس الإدارة
د. أحمد رضوان
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

في الإسلام، لا تُقاس الأخلاق بكثرة الصلوات أو المظاهر التعبدية، بل تُقاس بحُسن التعامل، خاصة مع المرأة. 

فالإيمان الحق يظهر في سلوك المسلم مع من لا يملك أمامه القوة أو الرد، والمرأة، في جميع صورها: إماً، زوجةً، أختاً، ابنةً أو حتى عابرة سبيل، تُعدّ معياراً دقيقاً لصدق إيمان الرجل وفهمه لتعاليم الإسلام.

فالحياء والرحمة والعدل ليست مجرد صفات، بل هي أسس أصيلة في منهج الإسلام الأخلاقي في معاملة المرأة، وهي الميزان الذي يُوزن به قلب المسلم وسلامة ضميره والتزامه الحقيقي بشرع الله.

فالمرأة في الإسلام ليست تابعاً ولا متاعاً، بل كيان مكرَّم، وروح مخلصة، وشريك أصيل في الحياة والرسالة والكرامة. جاءت الشريعة الخاتمة لتضعها في مقام العزّ بعد أن كانت تُورّث وتُدفن حيّة. قال تعالى: ﴿ولقد كرّمنا بني آدم﴾ \[الإسراء: 70].

وهذا التكريم يشمل المرأة كما يشمل الرجل، فالنساء شقائق الرجال، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أخلاق النبوة.. النموذج الأعلى في التعامل

من أراد أن يرى كيف تعامل الإسلام مع المرأة، فلينظر إلى محمد صلى الله عليه وسلم، الذي لم يكن فقط نبي الرحمة، بل كان الزوج الرحيم، والأب الحاني، والمعلم الراقي في معاملته لأمهات المؤمنين، لبناته، للنساء في المجتمع.

تقول عائشة رضي الله عنها تصف خلقه: "ما ضرب رسول الله شيئاً قط بيده، لا امرأة ولا خادماً، إلا أن يُجاهد في سبيل الله" \[رواه مسلم].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُنادي زوجاته بأحب الأسماء، ويُقاسمهن أحاديث القلب، ويجلس إليهن في سكينة، ويقول: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" [رواه الترمذي].

لقد حطّم النبي كل أنماط القسوة والغلظة والتسلط التي تُمارس باسم الرجولة، وأسس نموذجاً يجعل من حسن الخلق في التعامل مع المرأة برهاناً على طهارة القلب وكمال الدين.

أهمية الأسرة في الإسلام - موضوع
الأسرة المسلمة

المرأة ليست كائناً ضعيفاً بل أمانة عظيمة

في مجتمع غابت عنه أحياناً القيم وتشوّهت فيه المفاهيم، يُساء فهم الإسلام في مواضع كثيرة، وعلى رأسها علاقة الرجل بالمرأة.

فكم من رجل يظن أن القوامة تسلط، وأن الولاية استعلاء، وأن الطاعة إذلال، وهو لم يفقه أن القوامة تكليف لا تشريف، وأن المرأة ليست تحت يده بل في قلبه.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً" [رواه البخاري ومسلم].

إن الحديث لا يدعو إلى التغاضي عن الخطأ، بل إلى التعامل بالحكمة، والرحمة، واللين، وإدراك أن المرأة ليست خصماً، بل نِعمة وأن إصلاحها لا يكون بالغلظة، بل بالمودة.

وهنا لابد وأن ندرك جميعاً أن الرجولة لا تُقاس بالصوت العالي، ولا باليد الغليظة، بل بالحياء النبيل، والكلمة الطيبة، والنفس الرحيمة.

قال تعالى: ﴿وعاشروهن بالمعروف﴾ [النساء: 19]، والعِشرة بالمعروف ليست فقط في الزواج، بل في كل تعامل مع المرأة: أماً، أختاً، ابنة، زميلة، جارة، أو حتى امرأة لا تعرفها إلا عرضاً في طريق أو موقف.

إن المسلم الحق لا يؤذي بصره، ولا يجرح بكلمته، ولا يستخف بكرامة امرأة، لأنه يرى في كل امرأة عرضاً مصوناً وأمّاً مكرّمة، قال رسول الله ﷺ: "ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم" [رواه ابن عساكر].

العلاقة بالمرأة.. اختبار إنساني وعبادي

من مظاهر انحدار الأخلاق أن تَسهُل الإساءة إلى من لا يستطيع الدفاع عن نفسه، وأن تَضيع الرحمة حين تكون السلطة بيد أحد الطرفين، والمرأة، في كثير من الأحيان، الطرف الأضعف اجتماعياً، ولهذا اختصها الإسلام بوصايا متكررة تحفظ لها الكرامة، وتمنع عنها الظلم.

فمن نظر إلى المرأة كسلعة أو كعبء، فقد خانه فهمه لدينه ومن احتقرها أو أهانها أو نظر إليها نظرة دونية، فهو آثم، ولو صلى وصام، لأن الإسلام لا يُقاس بالمظهر، بل بصدق المعاملة.

إن الرجولة الحقيقية ليست استعلاءً على امرأة، بل احتواءً لها، وحفظاً لكرامتها، وصوناً لحقوقها.

  • كن كريماً مع المرأة، تكن كريماً عند الله.
  • كن عدلاً، تكن محبوباً في السماء والأرض.
  • تذكّر أن المرأة أمانة، ومن فرّط في الأمانة، خسر دنياه وآخرته، كما قال تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره﴾ [الزلزلة: 7]

ويكفي أن تعلم أن كل ابتسامة تصنع بها سكينة في قلب امرأة، وكل كلمة رحيمة، وكل صبر على ضعفها، هو صدقة تُكتب لك في صحائف الأعمال.

د. أماني الليثي

تم نسخ الرابط