في اليوم العالمي للكويكبات 2025، تحذير كوني وتأكيد على دور العلم في حماية الأرض

يحتفل العالم، الإثنين 30 يونيو 2025، بـ اليوم العالمي للكويكبات، الذي يوافق أيضًا الرابع والعشرين من ذي الحجة لهذا العام الهجري، ويعد هذا اليوم مناسبة سنوية رسمية أقرتها الأمم المتحدة عام 2016 لرفع مستوى الوعي العالمي بشأن خطر الكويكبات القريبة من الأرض، وإبراز أهمية الاستعداد العلمي لمواجهة أي تهديد كوني محتمل.
الأمم المتحدة تعتمد يوم 30 يونيو يومًا دوليًا للكويكبات
وفي ديسمبر 2016، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 71/90، والذي أعلنت بموجبه يوم 30 يونيو يومًا دوليًا للكويكبات، وجاء هذا القرار بناء على توصيات رابطة مستكشفي الفضاء، وبدعم من لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية، والشبكة الدولية للإنذار بخطر الكويكبات، والفريق الاستشاري لتخطيط البعثات الفضائية.
ويهدف هذا اليوم إلى إبلاغ الشعوب بالإجراءات العالمية للتعامل مع أي تهديدات فلكية محتملة، والتأكيد على ضرورة تنسيق الاستجابة الدولية حال وجود كويكب يهدد كوكب الأرض.
حدث تونغوسكا، ذكرى كارثة غيرت نظرة البشرية
ترتبط رمزية هذا اليوم بذكرى الانفجار الهائل الذي وقع في منطقة تونغوسكا النائية في سيبيريا، روسيا، يوم 30 يونيو عام 1908، حينما اصطدم كويكب صغير بالغلاف الجوي الأرضي وتسبب في تدمير مساحة تزيد عن 2000 كيلومتر مربع من الغابات.

ورغم أن الحادثة لم تسفر عن خسائر بشرية مباشرة، فإنها كانت كفيلة بتغيير نظرة العلماء إلى تهديدات الفضاء الخارجي، وقد ساهم هذا الحدث في تعزيز الوعي بخطورة الكويكبات، والدعوة إلى مراقبتها باستمرار.
الكويكبات القريبة من الأرض، تهديدات صامتة تستدعي يقظة علمية
تعتبر الكويكبات أجسامًا صخرية غير منتظمة الشكل، تسبح في الفضاء ضمن مداراتها حول الشمس، وتتمركز معظمها في "حزام الكويكبات" بين المريخ والمشتري، إلا أن بعضها يقترب أحياناً من مدار الأرض، ويطلق عليها حينها "الكويكبات القريبة من الأرض".
ويحذر الخبراء من أن هذه الأجسام، رغم صمتها الظاهري، قد تشكل تهديداً وجودياً في حال دخول أحدها الغلاف الجوي بسرعات كبيرة.
ويذكر أنه في 15 فبراير 2013، اخترقت كرة نارية سماء مدينة تشيليابينسك الروسية بسرعة تجاوزت 18 كيلومتراً في الثانية، مسببةً انفجاراً يعادل 440 كيلوطن من مادة "TNT"، ما جعله الحدث الأكثر عنفاً منذ حادثة تونغوسكا.
مهمات فضائية بارزة لحماية الأرض، ونجاح تاريخي لناسا
وفي خطوة غير مسبوقة في تاريخ الدفاع الكوكبي، نجحت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" عام 2022 في تنفيذ مهمة DART، التي تهدف إلى تغيير مسار كويكب عبر الاصطدام به عمدًا، وقد أثبتت التجربة أن البشرية تمتلك الوسائل العلمية لتحييد الكويكبات الخطرة.
كما أطلقت ناسا فيلمًا وثائقيًا بعنوان "المدافعون عن الكوكب" يوثق جهود العلماء في مراقبة وتتبع هذه الأجسام الصخرية، وتسليط الضوء على الأبطال المجهولين الذين يعملون لحماية كوكب الأرض.
بدورها، أطلقت الوكالة الأوروبية (ESA) والوكالة اليابانية (JAXA) بعثات مثل هايابوسا لجمع عينات من الكويكبات وتحليلها لفهم مكونات النظام الشمسي المبكر.

جهود دولية وشعبية لتعزيز الوعي بخطر الكويكبات
وعلى المستوى الشعبي، تنظم العديد من المؤسسات العلمية والهيئات الفلكية فعاليات تعليمية وتوعوية في اليوم العالمي للكويكبات، تشمل محاضرات، ورش عمل، وعروضًا فلكية، وقد أكد الدكتور بشير مرزوق، الخبير الفلكي بدار التقويم القطري، أن مثل هذه الأنشطة تسهم في رفع الوعي الجماهيري بمخاطر الفضاء.
وأضاف أن الكويكبات، على اختلاف أحجامها، يجب أن تُؤخذ بجدية، خاصة مع التطور التكنولوجي الحالي الذي يسمح برصد تحركاتها وتوقع مدى خطورتها بدقة.
لا تهديد وشيك ولكن الخطر قائم، العلم خط الدفاع الأول
وعلى الرغم من تأكيد المراصد الفلكية المعتمدة أنه لا يوجد حاليًا أي تهديد وشيك من كويكب ضخم، إلا أن الخبراء يؤكدون أن احتمال الخطر، وإن كان ضعيفًا، لا يساوي الصفر، وهو ما يجعل من اليوم العالمي للكويكبات أكثر من مجرد احتفال فلكي، بل تذكرة رمزية بضرورة دعم البحث العلمي، والتكاتف لحماية الأرض.