الايام المصرية
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى
رئيس التحرير
رضـــا حبيشى

مرحبا بك فى المترو ... عفوا أقصد مرحبا بك فى السوشيال ميديا، فلم يكن بينهما اختلاف سواء فى الاسم والنطاق الجغرافي ولكن الاسلوب والتوجهه واحد وعلى ما يبدو أمر واقع لا مفر منه، فما بين الملل ،الازعاج ،السوقية ،التشتت والضوضاء والاشمئزاز كما لو انها مخطط لحرب نفسية مقصودة التنفيذ والتوغل والانتشار، ترسيخ الدونية وافتقار الذوق، تنهال عليك أصوات عشوائية مصطنعة الملامح والتعبير، مبتذلة اللغة فى تسويق المحتوى، أسلوب بيع بالفهلوة وأحيانا يحمل روح البلطجة، إعلانات حاملة الصرخة دون ٌإقناع، مقدمة طويلة مكررة المفردات تجد نفسك تسمع كلمة “ ياجماعة” مليون مرة فى الاعلان و كلمة “ قمر” على حاجة وكل حاجة وأى حاجة بدون ما تعرف ما هى علاقة المنتج بالقمر يعنى مثلا كيف يكون “فستان قمر” ، أو “كريم قمر”، أو “ مكان قمر” هل تغيرت اللغة والمفردات ال هذا الحد أين كلمة “ جميل “جمال “ بديع “ ممتاز “ جيد “.. ما معنى ان كل شيء وأى شي يبقى تحت سيطرة “قمر”؟!!.. لم يكن هذا فقط بل نجد أيضاً “ أقسم بالله “ ألف مرة فى الجملة الواحدة بإعلان أقل من 60 ثانية، هذا دليل على الصدق ومن باب الأمانة مثلاً أم تجارة مع الخالق عز وجل. 

وعلى ضوء التكرار فى الميديا ... مرحباً بك مرة ثانية فى السوق الرقمي الشعبي، حيث لا صوت يعلو فوق صوت “ ياجامعة”! فبينما الإعلانات كانت يوماً ما فناً راقياً يعتمد على الذكاء، الاقناع، الرقي وبناء صورة ذهنية للمشاهد أو المستخدم. أصبحت اليوم فى عصر الميديا والتسويق الرقمي مهرجاناً من الكلمات والعبارات المكررة المملة المبتذلة والحيل اللفظية التى تحاكى نداءات الباعة فى المترو والأسواق الشعبية وهذا لا يعنى التقليل من هؤلاء بل المقصد هنا فى هذا المقال إلقاء الضوء على شكل الإعلان الرقمي وقيمته وأهميته حيث أنه رمز العصر.

المشهد الإعلاني الرقمي لم يعد يبحث عن الجودة أو الابداع بقدر ما يلهث خلف التريند و عدد اللايكات. الاعتماد على بعض شباب المؤثرين عبر السوشيال ميديا خارج حدود اللياقة والجدير بالذكر وقد يكون الامر الأكثر خطورة ان تلك الإعلانات يقدمها مستخدمى المنتج أو مشترى المنتج من بنات ونساء ومنهن من يقوم بإجراء تجارب عملية للمنتج أمام الكاميرا ما بين غرفة النوم والحمام . وفى نهاية الإعلان كود خصم باسمها اذا تم طلب المنتج من صفحتها. وربما ينتهى بجملة عشوائية لا علاقة لها بالمنتج “وأقسم بالله و ياجماعة هتندموا لو ما جربتوا”. 

لكن أنت تحت رحمة الخوارزميات وهى تحب الضجيج وتستهدف الإثارة اللحظية على حساب القيمة. ولذلك أطرح عليك بعض الاسئلة نلقى بها نظرة داخل هذا السوق الرقمي الشعبي الذى يرتدى ثوب الإعلان!. 
هل تعد مثل هذه الاعلانات تخاطب الفئة المستهدفة أم تستخف بها؟ 
كيف تؤثر هذه الاعلانات على ذوق الجمهور العام؟
من المسؤول؟ المعلن، المسوق، أم الجمهور؟
هل يمكن إنقاذ الذوق الإعلاني و وضع استراتيجية من قبل الحكومات؟
أين دور الأسرة والأباء من صناع ومقدمى هذه الإعلانات؟
لماذا تغفل حقوق الإنسان وحقوق المرأة عن هذه الإعلانات وصناعها ومقديمها؟

إذا كان الحل هو الغياب والانقطاع عن صفحات وسائل التواصل الاجتماعي لتجنب هذا الاذاء النفسي المخطط والتدني المبتذل والتكرار الملل وفقدان هوية الإعلان وقيمته جماله ووحشية الاسلوب السوقي الممنهج فى الترويج والتسويق، فكيف يمكننا ان نغيب أو ننقطع عن الحياة الواقعة وأنا وأنت نعلم جيداً هذا الاسلوب واقع حياة يومية فى قلب المجتمع بل فى المجتمعات باختلاف اللجهات والثقافات وما يظهر على الشاشات ما هو إلا مرآة عاكسة للواقع.

تم نسخ الرابط