غزو دمية اللابوبو، تصدر المشهد فى الأيام القليلة الماضية عبر منصات مواقع العالم الافتراضي وحديث العامة فى الميديا وأيضا فى الأخبار الاقتصادية والفنية غزو دمية اللابوبو غزو نفسي فى المقام الأول يعكس مدى الإضطراب النفسي للمشاهير أصحاب الهوس بعالم الموضة والأزياء و التريندات.
في زمن أصبحت فيه الميديا أقوى المؤثرين على الوعي الجمعي، لم تعد الدمى مجرد أدوات للعب أو التسلية، بل تحولت في بعض الأحيان إلى رموز محملة بالدلالات النفسية والرسائل المبطنة، دمية "لابوبو" ليست استثناءً، بل نموذجًا صادمًا لكيف يمكن لوسائل الإعلام والمشاهير أن تحوّل شيئًا بريئًا في ظاهره إلى تجسيد للاضطراب، والقلق، وحتى الرعب النفسي.
ما هي دمية اللابوبو؟
تعود الدمية لابوبو إلى الرسام التوضيحي كاسينغ لونع، الذى ولِ في هونغ كونغ، ونشأ في هولندا، وكانت "لابوبو" هى شخصية ضمن سلسلة “ الوحوش” التى بدأت فى عام 2015.
وتصاعدت شهرة دمية لابوبو فى العام الماضي بسبب بعض المشاهير وعلى ضوء من ذاع صيته عبر المواقع الاخبارية العالمية وعلى رأسهم ليزا من فرقة البوب الكورية الشهيرة "بلاكبينك"، التي عبّرت مرارًا عن حبها للشخصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي قائلةً: "لابوبو هي طفلتي".
كما عبرت العديد من نجمات العالم عن اعجابها بدمية لابوبو ونشرت صور لها مزينه حقيبة اليد خاصتها. الجدير بالذكر أن دمية لابوبو لا تحمل أى قيم جمالية الشكل بل تعد نموذج قبيح جدا ومتدنى الذوق تحت مسمى المعاصرة، مما يجلعنا نقف أمام هذه الظاهرة وما تقحمه علينا من غزو نفسي و تلوث بصري و انتشار تدنى الذوق وسلوك مرضي.
تلك الشخصية أو الدمية حين رسمت وصنعت كانت لهدف خادم للعمل الفنى ولذلك في هذه السطور، نحاول فهم واستنباط ما تمثله "لابوبو" فعليًا، وكيف يساهم الإعلام الرقمي في صنع و تضخيم رمزية نفسية سلبية حولها، وما العلاقة بين هذه الظاهرة وواقعنا النفسي المعاصر، خاصة في ظل تصاعد القلق والاكتئاب بين فئات عمرية مختلفة.
إن التعلق بدمية لابوبو الى درجة الهوس هو ناتج عن عدم الإحساس بالثقة فى النفس مع الشعور بالوحدة والفراغ والانعزال الاجتماعي الفعلى الواقعى، على الرغم من ملايين المتابعين للمشاهير إلا أن الترويج لفكرة التعلق بدمية لم يكن تريند فقط بل مرآة تعكس عما يكمن فى نفوسهم منذ الطفولة فالأمر لم يكن مبالغة بل واقع مأسوى، أما عن جانب تقليد المشاهير من قبل جيل الميديا ما هو إلا فخ يكشف عنهم كجليل مخوخ يعاني من فقد الوعى وسهولة السيطرة عليه واللهو به وإلغاء الهوية.
لابوبو تخطت و حطمت الأسعار حيث بدأت كدمية تباع ب 13 إلى 16 دولار أمريكى إلى أن أصبحت ب 90 دولار أمريكى وقد أعلنت بعض المواقع بنفاذ الكمية، وهنا نتكلم عن الدمية الأصلية فى حين أن الأمر كالعادة وصل الى تقليد صنع الدمية حول العالم وتباع بأسعار حسب طلب السوق و خامات الصنع.
أعيد مرارًا و تكرارًا كفى ترويج و تبنى أفكار ومعتقدات ليست ذات صلة بالثقافة والهوية والذوق، كفي استقبال وتشبع من الغير بما لا يفيد، كفي إعجاب بكل صغيرة وكبيرة عبر السوشيال ميديا، كفي ترسيخ مفهوم الموضة والعصرية والحرية الحاملة رسائل خفية، نعم فى عالم واحد ولكننا لسنا واحد فليس كل عاقل يقبل أن يكون مسخ أو نسخة من الغير.