الجلوس لفترات طويلة: القاتل الصامت في نمط الحياة الحديث وتأثيره على صحتك

أصبحت فترات الجلوس الطويلة جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي للكثيرين، سواء في المكاتب أو في المنازل أو حتى أثناء التنقل، ورغم بساطة هذا السلوك، إلا أن الأبحاث الطبية تكشف عن أضرار صحية خطيرة ترتبط بالجلوس المفرط قد تصل إلى الوفاة المبكرة.
ويستعرض لكم موقع الأيام المصرية التفاصيل الكاملة وفقًا لما ورد بموقع Mayo Clinic الرسمي.
مخاطر صحية تهدد الحياة بسبب الجلوس المفرط
بحسب الدكتور "إدوارد إل لازكويسكي"، فإن الجلوس لفترات طويلة يقلل من استهلاك الطاقة، ويرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسمنة، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستويات السكر والكوليسترول، مما يؤدي إلى "متلازمة الأيض" ومضاعفات خطيرة أخرى كأمراض القلب والسرطان.
وأظهرت دراسة تحليلية شملت أكثر من مليون شخص أن الجلوس لأكثر من 8 ساعات يوميًا دون نشاط بدني يعادل خطر التدخين أو السمنة، وإلا أن ممارسة الرياضة المعتدلة إلى المكثفة لمدة 60-75 دقيقة يوميًا تقلل من تأثير الجلوس الطويل.

دراسة كلاسيكية تثبت الخطر منذ عام 1953
رصد عالم الوبائيات "جيريمي موريس" أن سائقي الحافلات في لندن أكثر عرضة لأمراض القلب من محصلي التذاكر الذين يضطرون للوقوف والحركة، ما يؤكد أهمية النشاط البدني اليومي حتى في تفاصيل العمل البسيطة، ومن تأثيرات جسدية خطيرة للجلوس الطويل
- ضعف الدورة الدموية: انخفاض تدفق الدم إلى الساقين يمكن أن يؤدي إلى تضييق الأوعية وتراكم الدم في ربلة الساق.
- اضطرابات الهضم: الجلوس يضغط على الأمعاء مما يسبب الإمساك والانتفاخ.
- ارتفاع ضغط الدم: الجلوس يزيد من مستويات الكوليسترول ويضعف الجهاز القلبي الوعائي.
- تلف الدماغ: نقص تدفق الأكسجين إلى الدماغ بسبب قلة الحركة يضعف التركيز وقد يؤدي إلى مشاكل عقلية.
- زيادة احتمالية الإصابة بالسكري: الجلوس يعطل استجابة الجسم للأنسولين.
- سرطانات خطيرة: هناك علاقة بين الجلوس الطويل وسرطانات القولون، الثدي، وبطانة الرحم.
الحياة المكتبية هو نمط حياة محفوف بالمخاطر
ومع تحول العمل إلى نمط رقمي وخاصة بعد جائحة كورونا، أصبح ملايين الأشخاص يعملون من المنزل، ما يعني تقليص فرص الحركة وزيادة الجلوس، ومن العوامل المساهمة في ذلك:

- عدم وجود حاجة للمشي داخل المكتب
- غياب الاجتماعات الحضورية
- الاعتماد الكامل على الشاشات
- حلول بسيطة وفعّالة للحد من الجلوس المفرط
- الوقوف كل 30 دقيقة
- استخدام مكاتب الوقوف أو أجهزة المشي المكتبية
- عقد اجتماعات أثناء المشي
- تحريك الساقين أو أداء تمارين خفيفة أثناء الجلوس
- تخصيص فترات للحركة بعد كل وجبة
- استخدام الكراسي القابلة للتعديل لتعزيز الوضعية الصحية
العامل النفسي والاجتماعي وراء استمرار هذه العادة
بحسب الباحث "بنيامين غاردنر"، فإن العادات المجتمعية تشجع الجلوس بشكل غير مباشر، حيث ينظر للوقوف أثناء الاجتماعات الرسمية كمظهر غير لائق، ما يجعل كسر هذا النمط تحديًا سلوكيًا لا جسديًا فقط.
ولا يحتاج الأمر إلى ممارسة الرياضة المكثفة فقط، بل إن النهوض المتكرر، تحريك الجسم، أو المشي خطوات قليلة يمكن أن تحسن الدورة الدموية وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

والجلوس لفترات طويلة لم يعد مجرد سلوك روتيني، بل تحول إلى عامل خطر رئيسي مرتبط بأمراض مزمنة ومهددة للحياة لذا، من الضروري اتخاذ إجراءات يومية بسيطة لكسر هذه العادة، والعودة إلى نمط حياة أكثر نشاطًا يضمن الصحة والحيوية على المدى الطويل.